أخذ يقتل أهل العلم، وأغلق دار العلم، ومنع من كل ما يفعل من الخير، إلى أن قتل سرا.
وحج بالناس من العراق أبو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوي الكوفي.
وفيها غزا محمود بن سبكتكين الهند، فكانت وقعة نارين، ونصر الله الإسلام، فله الحمد، وغنم المسلمون ما لا يحد ولا يوصف، وطلب صاحب الهند الهدنة، وبعث بتحف وتقادم مع أقاربه.
قال أبو النصر محمد بن عبد الجبار في سيرة السلطان محمود: نشط السلطان في سنة أربعمائة لغزو الهند تقربا إلى الله، فنهض يحث الخيول، ويخترق الحزون والسهول، إلى أن توسط ديار الهند فاستباحها، ونكس أصنامها، وأوقع بعظيم العلوج وقعةً أفاء الله عليه بها أمواله، وأغنمهم خيوله وأفياله، وحكم فيها سيوف أوليائه، يحرسونهم ما بين كل سبسب وفدفد، ويجزرونهم عند كل مهبط ومصعد، ورد إلى غزنة بالغنائم، فلما رأى ملك الهند ما صب الله عليه وعلى أهل مملكته من سوط العذاب بوقائع السلطان، أيقن أنه لا قبل له بثقل وطأته، فأرسل إليه أعيان أقاربه ضارعا إليه في هدنة يقف فيها عند أمره، ويسمح بماله ووفره، على أن يقود إليه بادئ الأمر خمسين فيلا، ويحمل معها مالا عظيم الخطر، بما يضاهيه من مبار تلك الديار، ومتاع تلك البقاع، وعلى أن يناوب كل عام من أفناء عسكره في خدمة باب السلطان بألفي رجل، إلى إتاوة معلومة يلتزمها كل سنة، سنة يتمسك بها من يرث مكانه ويقوم في كفالة الملك مقامه. فأوجب السلطان إجابته ببذل طاعته، وإعطائه الجزية عن يده، وبعث إليه من طالبه بتصحيح المال، وقود الأفيال، فنفذ ما وعد، وانعقدت الهدنة، وتتابعت القوافل من خراسان والهند، ولله الحمد.
وبقيت جبال الغور في وسط ممالك السلطان محمود، وبها قوم من الضلال الخالين عن سمة الإسلام يخيفون السبيل، ويتمنعون بتلك الجبال