للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله العلي ذي المنن … الواهب الرزق وديان الدين

هو الذي أنقذني من قبل أن … أكون في ظلمة قبر مرتهن (١)

ذكر أوّل من هاجر إلى المدينة

عقيل، وغيره، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، قال النّبيّ للمسلمين بمكة: قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين. وهما الحرّتان، فهاجر من هاجر قبل المدينة عند ذلك، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين، وتجهّز أبو بكر مهاجرا، فقال له رسول الله : على رسلك فإنّي أرجو أن يؤذن لي، فقال أبو بكر: وترجو ذلك بأبي أنت وأمّي؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ليصحبه، وعلف راحلتين عنده ورق السّمر أربعة أشهر. أخرجه البخاريّ (٢).

وقال البكّائيّ، عن ابن إسحاق (٣) قال: فلمّا أذن الله لنبيّه في الحرب وبايعه هذا الحيّ من الأنصار على الإسلام والنصّرة، أمر رسول الل قومه بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها واللّحوق بالأنصار، فخرجوا أرسالا، فكان أوّل من هاجر أبو سلمة بن عبد الأسد إلى المدينة، هاجر إليها قبل العقبة الكبرى بسنة، وقد كان قدم من الحبشة مكة، فآذته قريش، وبلغه أنّ جماعة من الأنصار قد أسلموا، فهاجر إلى المدينة.

فعن أمّ سلمة قالت: لمّا أجمع أبو سلمة الخروج رحّل لي بعيره، ثمّ حملني وابني عليه، ثمّ خرج بي يقودني. فلمّا رأته رجال بني المغيرة قاموا إليه، فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، هذه، علام نتركك تسير بها في البلاد! فنزعوا خطام البعير من يده، فأخذوني منه، وغضب عند ذلك رهط أبي سلمة، فقالوا: والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا،


(١) على هامش الأصل: "بلغت قراءة خليل بن أيبك في الميعاد السادس على مؤلفه فسح الله في مدته، ومحصن بن عكَّاشة يسمع".
(٢) البخاري ٧/ ١٨٧، ودلائل النبوة ٢/ ٤٥٩.
(٣) ابن هشام ١/ ٤٦٨ - ٤٧٠.