وأول ما خطب بالقدس قرأ أول شيء الفاتحة، ثم قرأ: فَقُطِعَ دَابِرُ القومِ الذينَ ظَلَمُوا. الآية، ثم أول الأنعام، والكهف، وحمدلة النمل، وأول سبأ، وفاطر، ثم قال: الحمد لله مُعِزّ الإسلام بنصره، ومُذل الشرك بقهره، ومصرّف الأمور بأمره، ومُديم النعم بشكره، ومُستدرج الكفار بمكره، قدّر الأيام دولًا بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاد على عباده من ظلّه، أظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يُمانَع، والظاهر على خليفته فلا يُنازع، والآمر بما شاء فلا يُراجع، والحاكم بما يُريد فلا يُدافع. أحمده على إظفاره وإظهاره وإعزازه لأوليائه، ونصره لأنصاره، وتطهير بيته المقدس من أدناس الشرك وأوضاره، حمد من استشعر الحمد باطن سره وظاهر جهاره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد الذي لم يلد لم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد. شهادة من طهر بالتوحيد قلبه، وأرضى به ربه. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، داحض الشرك، وداحض الإفك، الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به منه إلى السماوات العلى، إلى سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، ما زاغ البصر وما طغى.
ثم ترضى عن الصحابة، ثم ذكر الموعظة فأبلغ، مضمونها: تعظيم بيت المقدس، وتعظيم الجهاد، والحث عليه، والدعاء لصلاح الدين.
وكان له يومئذ ثلاث وثلاثون سنة، واسمه على تثمين قبة النسر بخط كوفي بفص أبيض، وهو ظاهرٌ في الجهة الشرقية، فيه أن ذلك فصص في مباشرته. توفي في سابع شعبان.
٤٧٨ - محمد بن عمر بن عبد الله، أبو بكر الصائغي، المروزي، السنجي.
قال أبو العلاء الفرضي: هو شيخ صالح، سمع يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد، وأبا شجاع عمر البسطامي، وأبا الفتح محمد بن عبد الرحمن