للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل طائفة من وكلاء الروم فاشتروا منهم من البزّ الفاخر والأواني المخروطة، واشتروا من الروم دوابّ كثيرة تحملهم، لأنه لم يبق عندهم دابّة إلا أكلوها، وخرجوا بحريمهم وسلاحهم وأموالهم، فوافى ثبج الثمليّ من مصر في البحر في مراكب، فاتّصل بملك الروم خبره، فقال لأهل طرسوس: غدرتم! فقالوا: لا، والله، لو جاءت جيوش الإسلام كلها، فبعث إلى الثمليّ: يا هذا لا تفسد على القوم أمرهم، فانصرف، ثم عمل تقفور دعوة لكبار أهل البلد وخلع عليهم، وأعطاهم جملة وخفرهم بجيش حتى حصّلوا ببغراس، وحصل منهم خمسة آلاف بأنطاكية، فأكرمهم أهلها، ثم دخلت الروم مدينة طرسوس فأحرقوا المنبر وجعلوا المسجد إصطبلاً.

وأما سيف الدولة فإنه سار إلى أرزن وأرمينية، وحاصر بدليس وخلاط، وبها أخوا نجا غلامه عصياً عليه، فتملّك المواضع وردّ إلى ميافارقين. وعمل أهل أنطاكية وطردوا نائب سيف الدولة عنهم، وقالوا: نداري ببيت المال ملك الروم أو ننزح عن أنطاكية فلا مقام لنا بعد طرسوس، ثمّ إنهم أمروا عليهم رشيق النسيمي الذي كان على طرسوس، فكاتب ملك الروم على حمل الخراج إليه عن أنطاكية، فتقرّر الأمر على حمل أربعمائة ألف درهم في السنة، وجعل على كل رأس من المسلمين والنصارى ثلاثين درهماً. والأمر لله.

قال علي الشمشاطي: وفيها ورد الخبر بإجابة تقفور إلى ما طلبه منه سيف الدولة من الهدنة والفداء على أن يخرج بدل أبي الفوارس محمد بن ناصر الدولة ومن معه من بني عمه جماعة من البطارقة، وأن يفادي بغلمان سيف الدولة عدة من الروم، وأن يبتاع ما يفضل من الأسرى ببلد الروم كل واحد بثمانين دينارا. فأحضر سيف الدولة أثمان ألفي رأس، وذلك مائة وستون ألف دينار، فعاينها الرسول. وجاءت كتب الطرسوسيين إلى سيف الدولة ليأخذ منهم الأسارى، فإنهم عجزوا عن أقواتهم للغلاء. ثم جاء من بلد الروم كتاب أبي فراس بن حمدان من الأسر بتصحيح أمر الفداء وتنفيذ شرائط ملك الروم، وفيه خط ملك الروم بالأحمر وخطوط بطارقته على أن يؤخروا عندهم ستة من بني حمدان، ويؤخر سيف الدولة عنده ستة من البطارقة.

ووردت الأخبار بأن ملك الروم أرسل إلى أهل طرسوس يهادنهم على أن يخربوا سور المدينة، وأن يبنوا بيعة كانت لهم تخربت، فلم يجيبوه، فسار

<<  <  ج: ص:  >  >>