الدين، وقام في الأمر ابن أخيه صلاح الدين وتمكن من المملكة.
قال القاضي جمال الدين ابن واصل: حكى لي الأمير حسام الدين أبي علي قال: كان جدي في خدمة صلاح الدين، فحكى أنه لما وقعت هذه الوقعة، يعني وقعة السودان، بالقاهرة التي زالت دولتهم فيها، ودولة آل عبيد، قال: شرع صلاح الدين فطلب من العاضد أشياء من الخيل والرقيق والأموال ليتقوى بذلك. قال: فسيرني يومًا إلى العاضد أطلب منه فرسًا، ولم يبق عنده إلا فرس واحد، فأتيه وهو راكب في بستانه المعروف بالكافوري الذي يلي القصر، فقلت: صلاح الدين يسلم عليك، ويطلب منك فرسًا. فقال: ما عندي إلا الفرس الذي أنا راكبه؛ ونزل عنه وشق خفيه ورمى بهما، وسلم إلي الفرس، فأتيت به صلاح الدين. ولزم العاضد بيته.
قلت: واستقل صلاح الدين بالأمر، وبقي العاضد معه صورة إلى أن خلعه، وخطب في حياته لأمير المؤمنين المستضيء بأمر الله العباسي، وأزال الله تلك الدولة المخذولة. وكانوا أربعة عشر متخلفًا لا مستخلفًا.
قال الإمام شهاب الدين أبو شامة: اجتمعت بالأمير أبي الفتوح ابن العاضد وهو مسجون مقيد في سنة ثمان وعشرين وستمائة، فحكى لي أن أباه في مرضه استدعى صلاح الدين فحضر، قال: فأحضرونا، يعني أولاده، ونحن صغار، فأوصاه بنا، فالتزم إكرامنا واحترامنا.
قال أبو شامة: كان منهم ثلاثة بإفريقية وهم الملقبون بالمهدي، والقائم، والمنصور، وأحد عشر بمصر، وهم: المعز، والعزيز، والحاكم، والظاهر، والمستنصر، والمستعلي، والآمر، والحافظ، والظافر، والفائز، والعاضد، يدعون الشرف، ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي، حتى اشتهر لهم ذلك بين العوام، فصاروا يقولون: الدولة الفاطمية والدولة العلوية. إنما هي الدولة اليهودية، أو المجوسية الملحدة الباطنية.
قال: وقد ذكر ذلك جماعة من العلماء الأكابر أنهم لم يكونوا لذلك