ولد سنة أربع عشرة، وستمائة، وقيل: سنة أربعٍ، وستمائة، وروى عن جعفر الهمداني، وغيره.
قال قطب الدّين: كان إماماً فاضلاً، متبحراً، ولي المناصب الجليلة كنظر الدواوين، والوزارة، والقضاء. ودرس بالصالحية، ودرس بمدرسة الشّافعيّ بالقرافة. وتقدم في الدولة. وكانت له الحرمة الوافرة عند الملك الظاهر، وكان ذا ذهنٍ ثاقب، وحدسٍ صائب، وجدّ، وسعد، وحزم، وعزم، مع النزاهة المفرطة، وحسن الطريقة، والصلابة في الدّين، والتثبت في الأحكام، وتولية الأكفاء. لا يراعي أحداً، ولا يداهنه. ولا يقبل شهادة مريب، وكان قوي النفس بحيث يترفع على الصاحب بهاء الدّين، ولا يحفل بأمره. فكان ذلك يعظم على الصاحب، ويقصد نكايته فلا يقدر، فكان يوهم السلطان أن للقاضي متاجر، وأموالاً، وأن بعض التجار ورد وقام بما عليه ثم وجد معه ألف دينار، فأنكر عليه فقال: هي وديعة للقاضي. فسأل السلطان القاضي فأنكر لئلا يحصل غرض الوزير منه، ولم يصرح بالإنكار بل قال: الناس يقصدون التجوه بالناس، وإن كانت لي فقد خرجت عنها لبيت المال. فأخذت وذهبت وهان ذلك على القاضي مع كثرة شحه لئلا يبلغ الوزير مقصوده منه، وكان الوزير بهاء الدّين يختار أن يحضر القاضي تاج الدّين إلى داره فتغير مزاجه، وعاده الناس فعاده القاضي، فلما دخل على الوزير وثب من الفراش، ونزل له من الإيوان، فلما رآه كذلك قال: بلغني أنك في مرضٍ شديدٍ، وأنت قائمٌ. سلام عليكم. ثم ردّ، ولم يزد على ذلك، توفي في السابع والعشرين من رجب، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله.
وهو، والد القاضي الكبير صدر الدّين عمر قاضي الديار المصرية، ووالد قاضي القضاة تقيّ الدّين عبد الرحمن الذي وزر أيضاً، ووالد القاضي العلامة، علاء الدّين أحمد الذي دخل اليمن، والشام.
١٧١ - علي ابن الزاهد أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون، الإمام الفقيه المفتي، تاج الدّين ابن