قال أبو المظفر: كان معتدل القامة، حسن الوجه، عليه أنوار العبادة، لا يزال متبسماً، نحيل الجسم من كثرة الصلاة والصيام. صليت الجمعة في سنة ست والشيخ عبد الله اليونيني إلى جانبي فلما كان في آخر الخطبة والشيخ أبو عمر يخطب نهض الشيخ عبد الله مسرعاً وصعد إلى مغارة توبة، وكان نازلاً بها، فظننت أنه احتاج إلى وضوء أو آلمه شيء، فصليت وطلعت وراءه وقلت له: خير ما الذي أصابك؟ فقال: هذا أبو عمر ما تحل خلفه صلاة؛ يقول على المنبر الملك العادل وهو ظالم فما يصدق. قلت: إذا كانت الصلاة خلفه لا تصح فخلف من تصح؟ فبينا نحن في الحديث إذ دخل الشيخ وسلم وحل مئزره وفيه رغيف وخيارتان، فكسر الجميع، وقال: بسم الله الصلاة، ثم قال ابتداءً: قد روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولدت في زمن الملك العادل كسرى. فنظر إلي الشيخ عبد الله وتبسم وأكل وقام الشيخ أبو عمر فنزل، فقال لي الشيخ عبد الله: ماذا إلا رجل صالح.
قال أبو المظفر: وأصابني قولنج فدخل علي أبو عمر وبيده خروب مدقوق فقال: استف هذا، وعندي جماعة، فقالوا: هذا يزيد القولنج ويضره، فما التفت إلى قولهم، وأكلته، فبرأت في الحال. وقلت له يوماً - وما كان يرد أحداً في شفاعة - وقد كتب رقعة إلى الملك المعظم: كيف تكتب هذا والملك المعظم على الحقيقة هو الله؟ فتبسم ورمى إلي الورقة، وقال: تأملها، وإذا قد كتب المعظم وكسر الظاء، فعجبت من ورعه.
قلت: وفي هذا ومثله إنما يلحظ العلمية لا الصفة مثل: علي، ورافع، والحكم، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص في التسمية لما قل استعماله في