وقال زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر استعمل المغيرة بن شعبة على البحرين، فأبغضوه، فعزله، فخافوا أن يرده، فقال دهقانهم: إن فعلتم ما آمركم لم يرده علينا، قالوا: مرنا، قال: تجمعون مائة ألف درهم، فأذهب بها إلى عمر فأقول: هذا اختان هذا المال فدفعه إلي، فجمعوا له مائة ألف وأتى بها عمر، فدعا المغيرة فقال: ما هذا؟ قال: كذب، أصلحك الله إنما كانت مائتي ألف، قال: فما حملك على ذلك؟ قال: العيال والحاجة، فقال عمر للدهقان: ما تقول؟ قال: لا والله لأصدقنك: والله ما دفع إلي شيئا، وقص له أمره.
قد ذكرنا أن المغيرة ولي البصرة وغيرها لعمر، وكان ممن قعد عن علي ومعاوية.
وقال ابن أبي عروة، عن قتادة: إن أبا بكرة، وشبل بن معبد، وزيادا، ونافع بن عبد الحارث شهدوا على المغيرة، سوى زياد، أنهم رأوه يولجه ويخرجه، يعني يزني بامرأة، فقال عمر: - وأشار إلى زياد -: إني أرى غلاما لسنا لا يقول إلا حقا، ولم يكن ليكتمني شيئا، فقال زياد: لم أر ما قال هؤلاء، ولكني قد رأيت ريبة وسمعت نفسا عاليا، قال: فجلد عمر الثلاثة.
وعن ابن سيرين قال: كان يقول الرجل للرجل: غضب عليك الله كما غضب عمر على المغيرة، عزله عن البصرة فولاه الكوفة.
قلت: وقد غزا المغيرة بالجيوش غير مرة في إمرته، وحج بالناس سنة أربعين.
وقال جرير، عن مغيرة، قال: قال المغيرة بن شعبة لعلي: ابعث إلى معاوية عهده، ثم بعد ذلك اخلعه، فلم يفعل فاعتزله المغيرة باليمن، فلما اشتغل علي ومعاوية، فلم يبعثوا إلى الموسم أحدا، جاء المغيرة فصلى بالناس ودعا لمعاوية.
قال الليث بن سعد: حج سنة أربعين، لأنه كان معتزلا بالطائف، فافتعل كتابا عام الجماعة بإمرة الموسم، فقدم الحج يوما خشية أن يجيء أمير، فتخلف عنه ابن عمر، وصار معظم الناس مع ابن عمر. قال الليث: قال نافع: لقد رأيتنا ونحن غادون من منى، واستقبلونا مفيضين من جمع، فأقمنا بعدهم ليلة.