وفي يوم عاشوراء أغلق أهل الكرخ الدّكاكين، وعلّقوا المسوح، وأقاموا المأتم على الحسين، وجدَّدوا ما بطل من مدّة. فقامت عليهم السُّنَّة، وخرج مرسوم الخليفة بإبطال ذلك، وحبس منهم جماعة مدّة أيّام.
وفيها وصل سيف الإسلام أمير الجيوش بدر إلى دمشق والياً عليها ثانية، وعلى الشّام بأسره، في شعبان. فأقام إلى أن تحرَّكت الفتنة بينه وبين عسكريّة دمشق، فخرج من القصر ونشبت الحرب بينهم في جمادى الأولى سنة ستّين.
وفيها سار شرف الدّولة مسلم بن قريش بن بدران صاحب الموصل إلى ألب أرسلان فأقطعه الأنبار، وهيت، وحربى.
وفيها استولى تميم ابن المعزّ على مدينة تونس، وصالحه صاحبها.
وفيها كانت زلزلة عظيمة بخراسان تردَّدت أيّاماً، وتصدَّعت منها الجبال، وأهلكت خلقاً كثيراً، وانخسف منها عدّة قرى. قاله ابن الأثير.
قال: وفيها ولدت بباب الأزج صغيرة لها رأسان ووجهان ورقبتان على بدن واحد.
وفيها قال ابن نظيف: ظهر في السّماء كوكب كأنّه دارة القمر ليلة تمّه بشعاع عظيم، وهال النّاس ذلك، وأقام كذلك مدّة عشرة ليالٍ، ثم تناقص ضوءه وغاب.
وقال سبط ابن الجوزي: في نيسان ظهر كوكب كبير له ذؤابة عرضها نحو ثلاثة أذرع وطولها أذرع كثيرة، ولبث بضع عشرة ليلة، ثم ظهر كوكب قد استدار نوره عليه كالقمر، فارتاع النّاس وانزعجوا؛ وبقي أيّاماً.
سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
في ذي القعدة فرغت المدرسة النّظامية ببغداد، وقرر لتدريسها الشّيخ أبو إسحاق، فاجتمع النّاس فلم يحضر وسببه أنّه لقيه صبيٌّ، فقال: كيف تدرِّس في مكان مغصوب؟ فتشكَّك واختفى، فلمّا أيسوا من حضوره درَّس ابن الصّباغ مصنَّف الشّامل. فلمّا بلغ نظام الملك الخبر أقام القيامة على العميد أبي سعد. فلم يزل أبو سعد يرفق بالشّيخ أبي إسحاق حتّى درَّس، فكانت مدّة تدريسه، أي ابن الصّباغ، عشرين يوماً.