والمرسي وجماعة بمكة، ويوسف الساوي وأحمد ابن الجباب وخلق كثير بمصر، وهبة الله بن زوين الإسكندراني وطائفة بالإسكندرية، وسمع بحمص وبعلبك والقدس وغير ذلك.
وعني بهذا الشأن أتم عناية وتعب وحصل وكتب ما لا يوصف كثرة، وكانت له إجازات عالية من أبي الحسن القطيعي وزكريا العلبي وابن روزبة وأبي حفص السهروردي والحسين ابن الزبيدي وإسماعيل بن فاتكين والأنجب الحمامي وطبقتهم، وخرج لنفسه أربعين حديثًا في أربعين بلدًا، وانتقى على شيوخ مصر والشام، وخرج لأصحاب ابن كليب، ثم لأصحاب ابن طبرزد والكندي، ثم لأصحاب ابن البن وابن الزبيدي، حتى أنه خرج لتلميذه ومريده الشيخ شعبان، وكان عجبًا في حسن التخريج وجودة الانتخاب، لا يلحقه أحد في ذلك، وقد قرأ القراءات بحلب على الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وتفقه على مذهب أبي حنيفة، وسمع من نحو سبعمائة شيخ.
وكان دينًا، خيرًا، رضي الأخلاق، عديم التكلف بريئا من التصنع، محببًا إلى الناس، ذا سكينة ووقار وشكل تام ووجه نوراني، وشيبة بيضاء منيرة كبيرة مستديرة، ونفس شريفة كريمة، وقبول تام وحرمة وافرة، والله يرحمه ويجزيه عنا الخير، فلقد أفاد الطلبة وأعانهم بكتبه وأجزائه، وقل من رأيت مثله، بل عدم ولم يزل متشاغلاً بالحديث، مغرى به لنفسه، ثم لأولاده، إلى أن توفي ليلة الثلاثاء السادس والعشرين من ربيع الأول بزاويته الجمالية التي بالمقس، وبه افتتحت السماع في الديار المصرية، وبه اختتمت، وعنده نزلت، وعلى أجزائه اتكلت، وقد سمع منه علم الدين أكثر من مائتي جزء.
٣٩٢ - أحمد بن محمد بن علي بن جعفر، الصدر، الأديب، الرئيس، سيف الدين السامري، التاجر، نزيل دمشق.
شيخ متميز، متمول، ظريف، حلو المجالسة، مطبوع النادرة، جيد الشعر، طويل الباع في المديح والهجاء، وكان من سروات الناس ببغداد، فقدم الشام بأمواله وحظي عند الملك الناصر يوسف وامتدحه، وعمل أرجوزة