الفقراء ويطعمهم، ويبذل لهم نفسه، ويتواضع لهم. وكان من أكثر الناس تواضعاً واحتقاراً لنفسه، وخوفاً من الله، وما أعلم أنني رأيت أشدّ خوفاً منه. وكان كثير الدُّعاء والسؤال لله، وكان يطيل الرُّكوع والسجود بقصد أن يقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقبل من أحد يعذله في ذلك. ونُقلت له كرامات كثيرة؛ هذا كتبه بخطّه موفق الدين.
قال الضياء: ولم أر أحداً أحسن صلاةً منه، ولا أتمّ منها بخشوع وخُضوع، وحُسن قيام وقعودٍ؛ قيل: إنه كان يُسبّح في ركوعه وسجوده عَشَراً، يتأنى في ذلك، وربما كان بعضهم يقول: النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالتخفيف، وقال: أفتّان أنت يا مُعاذ؟! فلا يَرجع، ويستدلّ عليهم بأحاديث منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكون في الركعة الأولى حتى يمضي أحدنا إلى البقيع ويقضي حاجته ويأتي، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يركع. وربما روى أن أنساً قال: لم أرَ أحداً أشبه صلاةً برسول الله من هذا الفتى، يعني عمر بن عبد العزيز، قال: فحزرنا في سجوده عشر تسبيحات. وروى ثابت أن أنساً قال: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله؟ قال ثابت: وكان يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع، انتصب قائماً حتى يقول القائل: قد نسي.
وأما صلاته، فكان يقضي صلوات، فربّما قضى في اليوم والليلة صلوات أيام عديدة. وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم المصري يقول: سمعت الشيخ العماد يقول: فاتتني صلاة العصْر قبل أن أبلغ وقد أعدتها مائة مرة، وأنا أريد أن أعيدها أيضاً. وأما صيامه فكان يصوم يوماً ويفطر يوماً.