للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده، وسمعته مرة يقول: جملة ما وصل إلي من أمير المؤمنين المنصور أبي يوسف تسعة عشر ألف دينار سوى الخلع والمراكب والإقطاع، ومات على القضاء سنة ثمان وستمائة. ثم ولي بعده القضاء أبو عمران موسى بن عيسى بن عمران الذي كان أبوه قاضيًا لأبي يعقوب موسى بن عبد المؤمن. وكان الذي قام ببيعة محمد أبو زيد عبد الرحمن بن عمر بن عبد المؤمن الوزير، وعبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص عمر. ثم أخذ أولًا في تجهيز الجيوش إلى إفريقية؛ لأن يحيى بن إسحاق بن غانية كان قد استولى على أكثر بلادها، واستعمل عليهم أبا الحسن علي بن عمر بن عبد المؤمن، فسار فالتقى هو وابن غانية بين بجاية وقسطنطينية، فانهزم الموحدون، ورجع علي في حالة سيئة، فانتدب أبو عبد الله للحرب الوزير أبا زيد المذكور، فسار حتى بلغ قسطنطينية، ثم استعمله على إفريقية، ولما بلغه أن ابن غانية استولى على مدينة فاس، تجهز في جيوشه، وسار إلى فاس، وأراد أن يبعث مراكب إلى ميورقة يستأصل شأفة بني غانية، واستعمل على الأسطول عمه أبا العلاء إدريس بن يوسف، وأبا سعيد عثمان بن أبي حفص، فسارا، وافتتحاها عنوة، وقتلا أميرها عبد الله بن إسحاق بن غانية؛ قتله المقدم عمر الكردي. قيل: إنه لما نازلوه خرج على باب ميورقة وهو سكران فقتل، وذلك في سنة تسع وتسعين وانتهبوا أمواله، وسبوا حريمه، وقدموا بهم مراكش.

قال: وقد كان قبل هذا أقام بالسوس رجل من جزولة اسمه يحيى بن عبد الرحمن ابن الجزارة، فاجتمع عليه خلائق، فسارت إليه عساكر الموحدين فهزمهم غير مرة، ثم إنه قتل بعد أن كاد أن يملك ويظهر وكان يلقب بأبي قصبة. وفي سنة إحدى وستمائة قصد السلطان أبو عبد الله بلاد إفريقية، وقد كان ابن غانية استولى عليها خلا بجاية وقسطنطينية، فأقام أبو عبد الله على المهدية أربعة أشهر يحاصرها وبها ابن عم ابن غانية، فلما طال عليه الحصار سلم البلد، وفر إلى ابن عمه ثم رأى الرجوع إلى الموحدين، فتلقوه أحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>