ندب أبو محمد ابن النسوي لضبط بغداد، واجتمع العامة من الشيعة والسنة على كلمة واحدة، على أنه متى ولي ابن النسوي أحرقوا أسواقهم ونزحوا عن البلد، ووقع الصلح بين السنة والشيعة، وصار أهل الكرخ إلى نهر القلائين فصلوا فيه، وخرجوا كلهم إلى الزيارة بالمشاهد، وصار أهل الكرخ يترحمون على الصحابة في الكرخ، وهذا أمر لم يتفق مثله.
وفي ليلة الجمعة ثاني رمضان وقعت صاعقة بالحلة على خيمة لبعض العرب كان فيها رجلان، فأحرقت نصف الخيمة ورأس أحد الرجلين، وقدت نصف بدنه، وبقي نصفه الآخر، وسقط الآخر مغشيا عليه ما أفاق إلا بعد يومين.
ورخص السعر ببغداد حتى أبيع كر الحنطة بسبعة دنانير.
وفيها سار الملك ألب رسلان السلجوقي من مرو وقصد فارس في المفازة، فلم يعلم أحد ولا عمه طغرلبك، فوصل إلى فسا واستولى عليها، وقتل من جندها الديلم نحو الألف وطائفة من العامة، ونهب وأسر وفتك، وعاد إلى مرو مسرعا.
واستهل ذو الحجة فتهيأ أهل بغداد السنة والشيعة لزيارة مشهد الحسين وأظهروا الزينة والفرح، وخرجوا بالبوقات ومعهم الأتراك.
وفيها نازل طغرلبك أصبهان، وحاصر ابن علاء الدولة نحو السنة، وقاسى العامة شدائد، ثم أخذها صلحا وأحسن إلى أميرها، وأقطعه يزد وأبرقوه، وأقطع أجنادها في بلاد الجبل، وسكن أصبهان.
[سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة]
في صفر تجددت الفتنة بين الشيعة والسنة، وزال الاتفاق الذي كان عام أول، وشرع أهل الكرخ في بناء باب السماكين، وأهل القلائين في عمل ما بقي من بابهم، وفرغ أهل الكرخ من بنيانهم وعملوا أبراجا وكتبوا بالذهب: محمد وعلي خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر، وثارت الفتنة