مصعب أوّل من جمّع الجمعة بالمدينة، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. هكذا قال ابن شهاب: إنّ مصعبا أوّل من جمّع بالمدينة.
وقال البكّائيّ، عن ابن إسحاق: وحدّثني عبد الله بن المغيرة بن معيقيب، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم، أنّ أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير، يريد به دار بني عبد الأشهل، ودار بني ظفر، وكان سعد بن معاذ ابن خالة أسعد بن زرارة، فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر، وقالا: على بئر مرق، فاجتمع إليهما ناس، وكان سعد وأسيد بن حضير سيّديّ بني عبد الأشهل، فلمّا سمعا به قال سعد لأسيد: انطلق إلى هذين فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا، فلولا أسعد بن زرارة ابن خالتي كفيتك ذلك، فأخذ أسيد حربته، ثم أقبل إليهما، فلمّا رآه أسعد قال: هذا سيّد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه.
قال مصعب: إن يجلس أكلّمه، قال: فوقف عليهما فقال: ما جاء بكما إلينا تسفّهان ضعفاءنا، اعتزلانا إن كان لكما بأنفسكما حاجة، فقال له مصعب: أوتجلس فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كفّ عنك ما تكره، قال: أنصفت، ثم ركّز حربته وجلس إليهما، فكلّمه مصعب بالإسلام، وقرأ عليه القرآن، فقالا فيما بلغنا: والله لعرفنا في وجهه الإسلام، قبل أن يتكلّم في إشراقه وتسهّله، ثم قال: ما أحسن هذا وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدّين؟ قالا: تغتسل وتطهّر وتطهّر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحقّ، ثم تصلّي، فقام فاغتسل وأسلم وركع ركعتين ثمّ قال لهما: إنّ ورائي رجلا إن اتّبعكما لم يتخلّف عنه من قومه أحد، وسأرسله إليكما، ثم انصرف إلى سعد بن معاذ وقومه، وهم جلوس في ناديهم، فلمّا رآه سعد مقبلا قال: أقسم بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ولّى به، ثمّ قال له: ما فعلت؟ قال: كلّمت الرجلين، فما رأيت بهما بأسا، وقد تهيبتهما فقالا: لا نفعل ما أحببت،