في رمضان، واستخلف على الشام أحمد بن علي بن مقاتل. فلما قرب من الموصل كتب كورتكين إلى القائد أصبهان ابن أخيه بأن يصعد من واسط، فصعد ودخل بغداد، فخلع عليه المتقي وطوقه وسوره. وحمل الحسن بن عبد الله بن حمدان إلى ابن رائق مائة ألف دينار من غير أن يجتمع به. فانحدر ابن رائق إلى بغداد. وخطب البريدي بواسط والبصرة لابن رائق وكتب اسمه على أعلامه وتراسه. ثم وقع الحرب بين ابن رائق وكورتكين على بغداد أياماً، في جميعها الدبرة على ابن رائق. وجرت أمور.
ثم قوي ابن رائق، ثم دخل بغداد، وأقام كورتكين بعكبرا، وذلك في ذي الحجة، ودخل على المتقي لله، فلما تنصف النهار وثب كورتكين على بغداد بجيشه وهم في غاية التهاون بابن رائق، يسمون جيشه المغافلة، وكان نازلاً بغربي بغداد، فعزم على العود إلى الشام. ثم تثبت فعبر في سفينة إلى الجانب الشرقي ومعه بعض الأتراك، فاقتتلوا، فبينما هم كذلك أخذتهم زعقات العامة من ورائهم، ورموهم بالآجر، فانهزم كورتكين واختفى، وقتل أصحابه في الطرقات. وظهر الكوفي، فاستكتبه ابن رائق. واستأسر ابن رائق من قواد الديلم بضعة عشرة، فضرب أعناقهم وهرب الباقون، ولم يبق ببغداد من الديلم أحد. وكانوا قد أكثروا الأذية. وقلد ابن رائق إمرة الأمراء، وعظم شأنه.
[سنة ثلاثين وثلاثمائة]
في المحرم وجد كورتكين الديلمي في درب، فأحضر إلى دار ابن رائق وحبس.
وفيها: كان الغلاء العظيم ببغداد، وأبيع كر القمح بمائتي دينار وعشرة دنانير، وأكلوا الميتة، وكثر الأموات على الطرق، وعم البلاء.
وفي ربيع الآخر خرج الحرم من قصر الرصافة يستغيثون في الطرقات: الجوع الجوع.
وخرج الأتراك وتوزون، فساقوا إلى عند البريدي إلى واسط.