للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القعدة ببغداد للمستنصر العبيدي بجامع المنصور، وأذنوا بحي على خير العمل، وعقد الجسر، وعبرت عساكر البساسيري إلى الجانب الشرقي، فخندق القائم على نفسه حول داره وحول نهر المعلى، وأحرقت الغوغاء نهر المعلى ونهب ما فيه، وقوي البساسيري، وتقلل عن القائم أكثر الناس، فاستجار بقريش بن بدران أمير العرب، وكان مع البساسيري، فأجاره ومن معه، وأخرجه إلى مخيمه.

وقبض البساسيري على وزير القائم رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المسلمة، وقيده وشهره على جمل عليه طرطور وعباءة، وجعل في رقبته قلائد كالمسخرة، وطيف به في الشوارع وخلفه من يصفعه. ثم سلخ له ثور وألبس جلده وخيط عليه، وجعلت قرون الثور بجلدها في رأسه. ثم علق على خشبة وعمل في فكيه كلوبين، فلم يزل يضطرب حتى مات رحمه الله.

ونصب للقائم خيمة صغيرة بالجانب الشرقي في المعسكر، ونهبت العامة دار الخلافة، وأخذوا منها ما لا يحصى ولا يوصف. فلما كان يوم الجمعة رابع ذي الحجة لم تصل الجمعة بجامع الخليفة، وخطب بسائر الجوامع للمستنصر، وقطعت الخطبة العباسية بالعراق. ثم حمل القائم بأمر الله إلى حديث عانة، فاعتقل بها وسلم إلى صاحبها مهارش، وذلك لأن البساسيري وقريش بن بدران اختلفا في أمره، ثم وقع اتفاقهما على أن يكون عند مهارش إلى أن يتفقا على ما يفعلان به. ثم جمع البساسيري القضاة والأشراف، وأخذ عليهم البيعة للمستنصر صاحب مصر، فبايعوا قهرا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وقال عزّ الدين ابن الأثير في تاريخه: إن إبراهيم ينال كان أخوه السلطان طغرلبك قد ولاه الموصل عام أول، وأنه في سنة خمسين فارق الموصل ورحل نحو بلاد الجبل، فنسب السلطان رحيله إلى العصيان، فبعث وراءه رسولا معه الفرجية التي خلعها عليه الخليفة. فلما فارق الموصل قصدها البساسيري وقريش بن بدران وحاصراها؛ فأخذا البلد ليومه، وبقيت القلعة

<<  <  ج: ص:  >  >>