بعضها، فبادر بركياروق ليدفع عمه تتش عن البلاد، وقصده، فالتقيا، فقال قسيم الدّولة لبوزان: إنما أطعنا هذا لننظر ما يكون من أولاد السّلطان، والآن فقد ظهر ابنه هذا، وينبغي أن نكون معه، ففارقا تتش وتحولا بعسكرهما إلى بركياروق، فلما رأى ذلك تتش ضعف ورجع إلى الشّام، واستقام دست بركياروق.
وفيها في جمادى الآخرة جاء عسكر المصريين، فتملكوا مدينة صور بمخامرة أهلها، وأخذ متوليها إلى مصر، فقتل هو وجماعة.
ولم يحج أحدٌ من العراق، بل خرج ركب من دمشق، فنهبهم أمير مكة محمد بن أبي هاشم، وخرجت عليهم العربان غير مرة ونهبوهم، وتمزقوا، وقتل جماعة، ورجع من سلم في حال عجيب.
وأما بغداد فهاجت بها فتنة مزعجة على العادة بين السّنة والرافضة.
وسار سيف الدّولة صدقة بن مزيد أمير العرب، فلقي السّلطان بركياروق بنصيبين، وسار في خدمته إلى بغداد، فوصلها في ذي القعدة، وخرج عميد الملك بن جهير الوزير والناس معه إلى تلقيه.
ومات جعفر ابن المقتدي بالله، وله ست سنين، وهو سبط السّلطان ملكشاه.
[سنة سبع وثمانين وأربعمائة]
في أولها خطب ببغداد للسلطان بركياروق، ولقب ركن الدّولة وعلم الخليفة على تقليده، ومات الخليفة المقتدي من الغد فجاءة، وبويع بالخلافة ولده المستظهر.
وأما تاج الدّولة تتش فإنه رجع وشرع يجمع العساكر، وصار قسيم الدّولة وبوزان ضداً له، وأمدهما بركياروق بعسكر، فكان بينهما مصاف بتل السّلطان، على بريد من حلب، فانهزم جمع آقسنقر صاحب حلب، وثبت هو، فأخذ أسيراً، وأحضر بين يدي تتش، فقال له: لو كنت ظفرت بي ما كنت تفعل بي؟ قال: كنت أقتلك، فذبحه صبراً. وساق إلى حلب وقد دخلها المنهزمون، فحاصرها حتّى ملكها، وأخذ الأميرين بوزان وكربوقا أسيرين. فقتل بوزان ثمّ بعث برأسه إلى أهل حران والرها، فخافوه، وسلموا له البلدين، وسجن