القرآن؟ قال: إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} فعجب الحاضرون من ذكائه.
وفي سنة اثنتين وثمانين عاد الظاهر فدخل حلب، وزوجه أبوه بغازية بنت أخيه الملك العادل، فدخل بها بحلب في السنة.
وفي سنة ثلاثٍ افتتح صلاح الدّين بلاد الفرنج، وقهرهم وأباد خضراءهم، وأسر ملوكهم، وكسرهم على حطين، وافتتح القدس، وعكا، وطبرية، وغير ذلك.
وكان قد نذر أن يقتل البرنس أرناط صاحب الكرك، فكان ممن وقع في أسره يومئذٍ، وكان قد جاز به قومٌ من مصر في حال الهدنة، فغدر بهم، فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين، فقال ما فيه استخفاف بالنبي صلى الله عليه وسلم وقتلهم، فاستحضرهم صلاح الدّين، ثم ناول الملك جفري شربةً من جلاب وثلج، فشرب، وكان في غاية العطش، ثم ناولها البرنس أرناط فشرب، فقال السّلطان للترجمان: قل للملك جفري، أنت الذي سقيته، وإلا أنا فما سقيته.
ثم استحضر البرنس في مجلس آخر وقال: أنا أنتصر لمحمد منك، ثم عرض عليه الإسلام، فامتنع فسلَّ النيمجاه، وحلَّ بها كتفه، وتممه بعض الخاصة، وافتتح في هذا العام من الفتوحات ما لم يفتحه ملك قبله، وطار صيته في الدنيا، وهابته الملوك.
ثم وقع المأتم والنَّوح في جزائر الفرنج، وإلى رومية العظمى، ونودي بالنفير إلى نصرة الصليب، فأتى السّلطان من عساكر الفرنج ما لا قبل له به، وأحاطوا بعكا يحاصرونها، فسار السّلطان إليها ليكشف عنها، فعيل صبره، وبذل فوق طاقته، وجرت له أمورٌ وحروبٌ قد ذكرتها في الحوادث، وبقي مرابطًا عليه نحوًا من سنتين، فالله يُثيبه الجنة برحمته.
وكتب القاضي الفاضل بطاقة إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} كتبتُ إلى مولانا السّلطان الملك الظاهر أحسن اللَّه عزاءه، وجبر مُصابه، وجعل فيه الخَلف في الساعة المذكورة، وقد زُلزل المسلمون زلزالًا شديدًا وقد حفرت الدموعُ المحاجر، وبلغت القلوب