للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلما تقدم الزمن، فهو في الكتب المتأخرة أكثر منه في الكتب الأولى، فإن من الطبيعي أنْ يهتم الذهبي اهتمامًا بالغًا في تدوين تاريخ ولادة المترجم أو عمره التقريبي في تراجم كتابه (١).

وفي سنة ٣٠٢ هـ وجدنا أول ذكر للمواليد في نهاية وفيات السنة، لكنه انقطع بعد ذلك إلا في حالات نادرة، ولعله بدأ بالعناية بذلك حين وصل إلى أواخر المئة السادسة، فقد ذكر مواليد سنة ٥٧٢ هـ (٢)، واستمر على ذلك بصورة منتظمة (٣) إلى نهاية الكتاب. وكان الذهبي يؤكد في العناوين التي يضعها لقوائم الولادات هذه أنها للمشهورين حسب؛ فيقول مثلًا: "وفيها ولد من الكبار" (٤) أو "وفيها ولد من المشاهير" (٥)، ولذلك فإنه لم يستوعب المواليد استيعابه للوفيات.

ولكن لماذا عُني الذهبي بذكر المواليد في الربع الأخير من القرن السادس ولم يورد قوائم مماثلة قبل هذا التاريخ؟ فإذا كان الجواب على ذلك وقوفه على مواليد الكبار في هذه الفترة، أو حصوله على مادة في هذا الموضوع فإن ذلك مردودٌ بثبوتِ عددٍ كبير من المواليد قبل هذا التاريخ، وقد ذكرها هو في أثناء التراجم، وكان يستطيع أن يجمع مواليد المشهورين فيذكرها في آخر كل سنة. ويبقى لدينا بعد ذلك احتمالان:


(١) انظر أدناه كلامنا على "عناصر الترجمة".
(٢) وجدنا مواليد هذه السنة قد كتبت في أثناء تراجم سنة ٥٧٣ هـ من نسخة أحمد الثالث رقم ٢٩١٧/ ١٤ وبعد ترجمة أحمد بن حامد بن الفرات، فقال: "وفيها ولد الشيخ الفقيه بيونين في رجب والصفي إسماعيل بن إبراهيم بن الدرجي بدمشق والكمال علي بن شجاع الضرير بمصر في شعبان والشيخ أوحد الدين عمر الدويني". (الورقة ٤٧ من النسخة) والظاهر أن الذهبي كان قد كتبها في إحدى الجزازات وظنها الناسخ الجاهل في هذا الموضع، وإلا فإن الذي حفظناه من ولادة هؤلاء الأعلام هو سنة ٥٧٢ هـ وكما ذكر الذهبي نفسه (انظر العبر ج ٥ ص ٢٤٨، ٢٦٦، ٢٧٧).
(٣) باستثناء بعض السنوات الأولى التي لم ترد فيها قوائم ولادات وهي سنة ٥٧٣ وسنة ٥٧٤ وسنة ٥٧٩ وسنة ٥٨١.
(٤) الورقة ٥٩ (أيا صوفيا ٣٠١١).
(٥) الورقة ٢٢٦ (أيا صوفيا ٣٠١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>