سمع من قاسم بن أصبغ، وأحمد بن دحيم، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وزكريا بن خطاب، وأكثر عنه، وأجاز له ثابت بن قاسم، وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء.
وكان يستجلب المصنفات من الأقاليم والنواحي، باذلاً فيها ما أمكن من الأموال، حتى ضاقت عنها خزائنه، وكان ذا غرام بها، قد آثر ذلك على لذات الملوك، فاستوسع علمه، ودق نظره، وجمت استفادته. وكان في المعرفة بالرجال والأنساب والأخبار أحوذياً نسيج وحده.
وكان أخوه الأمير عبد الله المعروف بالولد على هذا النمط من محبة العلم، فقتل في أيام أبيه.
وكان الحكم ثقة فيما ينقله.
قال ابن الأبار: هذا وأضعافه فيه. وقال: عجباً لابن الفرضي، وابن بشكوال كيف لم يذكراه، كنيته أبو العاص. وولي الأمر في سنة خمسين وثلاثمائة بعد والده، وقل ما نجد له كتاباً من خزانته إلا وله فيه قراءة أو نظر في أي فن كان، ويكتب فيه نسب المؤلف ومولده ووفاته، ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلا عنده لعنايته بهذا الشأن. توفي بقصر قرطبة في ثاني صفر، رحمه الله.
وقد شدد في إبطال الخمور في مملكته تشديداً مفرطاً، ومات بالفالج، وولي الأمر بعده ابنه المؤيد بالله هشام، وسنه يومئذ تسع سنين، وقام بتدبير المملكة الحاجب أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر العامري القحطاني الملقب بالمنصور، فكان هو الكل.
١٩٢ - عبد الله بن غانم، أبو محمد الطويل النيسابوري الصيدلاني.