ويحمل معهم أرزاق سنة، ولا أسأل عن محاسبة ما افتتحت من المدن، فقال: قد اشتططت، ولا بد من مناظرة أمير المؤمنين. ثم ركب معي إليه فدخلت، فما دار بيني وبينه إلا كلمتان حتى غضب وأمر بحبسي.
وذكر زياد قال: ثم قال الأمين: هل في أهل بيت هذا من يقوم مقامه؟ فإني أكره أن أستفسدهم مع سابقتهم وطاعتهم، قالوا: نعم، فيهم أحمد بن مزيد عمه، وأثنوا عليه، فاستقدمه على البريد. قال أحمد: فبدأت بالفضل بن الربيع، فإذا عنده عبد الله بن حميد بن قحطبة، وهو يريده على الشخوص إلى طاهر بن الحسين، وعبد الله يشتط في طلب المال والإكثار من الرجال، فلما رآني رحب وصيرني معه على صدر المجلس، فكلمني ثم قام معي حتى دخلنا على الأمين، فلم يزل يأمرني بالدنو حتى كدت ألاصقه، فقال: إنه قد كثر علي تخليط ابن أخيك وتنكره، وطال خلافه، وقد وصفت لي بخير، وأحببت أن أرفع قدرك وأعلي منزلتك، وأن أوليك جهاد هذه الفئة الباغية، فقلت: سأبذل في طاعتكم مهجتي.
قال: وانتخبت الرجال، فبلغ عدة من صححت اسمه عشرين ألف رجل، ثم سرت بهم إلى حلوان، ودخلت عليه قبل ذلك، فقلت: أوصني، قال: إياك والبغي، فإنه عقال النصر، ولا تقدم رجلا إلا بالاستخارة، ولا تشهر سيفا إلا بعد إعذار، ومهما قدرت عليه باللين فلا تتعده بالخرق، في كلام طويل، وأطلق له ابن أخيه أسدا.
وذكر يزيد بن الحارث أن الأمين وجه معه عشرين ألفا من الأعراب، ومع عبد الله بن حميد عشرين ألفا من الأبناء، وأمرهما أن ينزلا حلوان ويدفعا طاهرا عنها، وينصبا له الحرب، فنزلا بخانقين، فدس طاهر العيون إلى عسكرهما، فكانوا يأتون الجيشين بالأراجيف، ويخبرونهما أن الأمين قد وضع العطاء لأصحابه، وقد أمر لهم بالأرزاق، ولم يزل يحتال في وقوع الاختلاف والشغب بينهم حتى اختلفوا، وانتقض أمرهم وقاتلوا بعضهم بعضا، ورجعوا.
ثم دخل طاهر حلوان، وأتاه هرثمة بن أعين بكتابي المأمون، والفضل بن