وأخوه يحيى ابن البناء وأبو العز بن كادش، وأبو بكر قاضي المارستان. وآخر من روى عنه أبو سعد أحمد بن محمد بن علي الزوزني الصوفي فيما علمت. وروى عنه من القدماء أبو علي الأهوازي، وبين وفاته ووفاة هذا تسعون سنة.
قال الخطيب: ولأبي يعلى تصانيف على مذهب أحمد. ودرس وأفتى سنين كثيرة. وولي القضاء بحريم دار الخلافة. وكان ثقة. وتوفي في شهر رمضان في تاسع عشره.
وذكره ابنه أبو الحسين في كتاب الطبقات له فقال: كان عالم زمانه، وفريد عصره، ونسيج وحده، وقريع دهره. وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدين والدنيا المحل السامي، والحظ الرفيع عند الإمامين القادر، والقائم، وأصحاب الإمام أحمد له يتبعون، ولتصانيفه يدرسون، وبقوله يفتون، وعليه يعولون. والفقهاء على اختلاف مذاهبهم كانوا عنده يجتمعون، ولمقاله يسمعون، وبه ينتفعون.
وقد شوهد له من الحال ما يغني عن المقال، لا سيما مذهب الإمام أحمد، واختلافات الروايات عنه، وما صح لديه منه، مع معرفته بالقرآن وعلومه، والحديث، والفتاوى، والجدل، وغير ذلك من العلوم، مع الزهد، والورع، والعفة والقناعة، والانقطاع عن الدنيا وأهلها، واشتغاله بالعلم ونشره. وكان أبوه أحد شهود الحضرة، قد درس على الفقيه أبي بكر الرازي مذهب أبي حنيفة، وتوفي سنة تسعين، وكان سن الوالد إذ ذاك عشر سنين إلا أياما، وكان وصيه رجل يعرف بالحربي يسكن بدار القز، فنقله من باب الطاق إلى شارع دار القز وفيه مسجد يصلي فيه شيخ يعرف بابن مفرحة المقرئ يقرئ القرآن، ويلقن العبادات من مختصر الخرقي فلقن الوالد ما جرت عادته، فاستزاده، فقال: إن أردت الزيادة فعليك بالشيخ أبي عبد الله بن حامد، فإنه شيخ الطائفة، ومسجده بباب الشعير. فمضى الوالد إليه، وصحبه إلى أن توفي ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة، وتفقه عليه.
ولما خرج ابن حامد إلى الحج سنة اثنتين وأربعمائة سأله محمد بن علي: على من ندرس؟ وإلى من نجلس؟ فقال: إلى هذا الفتى. وأشار إلى