للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧٧ هـ. فلا نجد عند خليفة نصًا كالذي ذكره الذهبي، بل نجد خليفة يذكر إقامة المنصور للحج في السنوات التي ذكرها الذهبي، فذكر السنة الأولى وهي سنة ١٣٦ هـ في قائمة أمراء الموسم على عهد أبي العباس السفاح (١)، أما السنوات الثلاث الباقيات فقد ذكر إقامة المنصور للحج في حوادثهن كلًا على انفراد (٢). كما ذكر الفسوي إقامة المنصور للحج في حوادث السنوات (٣). وهكذا جمع الذهبي عددًا من النصوص، وأَلَّفَ منها نصًا واحدًا.

[٦ - المقارنة بين الروايات وترجيح الصحيح منها]

قلنا سابقًا إن الذهبي اعتمد عددًا ضخمًا من الموارد، فكان من نتيجة ذلك أن أصبحت لديه موارد تأتلف في معلوماتها وأخرى تختلف عنها. ومن هنا كان على الذهبي أن يجمع الروايات المؤتلفة ويفرزها عن الروايات المختلفة، فاتبع أسلوب جمع الروايات. ولعله تأثر في ذلك بطريقة المحدثين، وهو منهم، الذين اخترعوا الإسناد الجمعي للتخلص من تكرار الأسانيد (٤)، نحو قوله: "وقال الزهري وقتادة وموسى بن عقبة وابن إسحاق والواقدي وسعيد بن يحيى الأموي .. "، وقوله: "قاله نافع وقتادة والزهري وابن إسحاق وغيرهم وعروة في مغازيه رواية أبي الأسود .. "، وقوله: "وأما المنذري وابن خلكان وابن الساعي وأبو المظفر الجوزي وشيخنا ابن الظاهري فقالوا (٥): "ومعظم الكتاب على هذا النحو، فهو منهج الذهبي لم يَحِدْ عنه وذلك يدل على قابلية عظيمة في استقصاء هذا العدد الكبير من المصادر وتجميعها وعرضها.

إن هذا الاختلاف الكبير بين الروايات دفعه إلى محاولة ترجيح ما يراه صحيحًا منها متبعًا أسسًا معينة من أبرزها:


(١) تاريخ خليفة ٤١٤.
(٢) المصدر نفسه ٤١٨ و ٤٢١ و ٤٢٦.
(٣) المعرفة والتاريخ، م ٢ ص ١١٦، ١٢٢، ١٢٨، ١٣١، ١٣٨.
(٤) وهو أن يجمع المحدث شيوخه الذين حدثوه عن شيخ معين بإسناد واحد ولحديث معين في مكان واحد فيذكر الشيوخ ثم يتبعهم بقوله: قالوا. ويعود استعمال الإسناد الجمعي إلى مطلع القرن الثاني الهجري كما هو معروف.
(٥) ينظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ٤٣٧ - ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>