من القاضي أبي سعد بن أبي عصرون، ويحيى الثقفي، وأبي الحسن أحمد بن محمد ابن الطرسوسي. ورحل فسمع بالموصل من الخطيب أبي الفضل الطوسي مشيخته وغير ذلك.
وكان يعرف بابن الصائغ. وكان من كبار أئمة العربية تخرج به أهل حلب، وطال عمره، وشاع ذكره.
وأخذ النحو عن أبي السخاء الحلبي، وأبي العباس المغربي، وليسا بالمشهورين، وقدم دمشق فجالس الكندي. وسأل عن قول الحريري في المقامة العاشرة: حتّى إذا لألأ الأُفق ذنب السرحان وآن انبلاج الفجر وحان، فتوقف وقال: علمت قصدك، وأنك أردت إعلامي بمكانتك من النحو. والمسألة أن يرفع الأفق وينصب ذنب، وبالعكس أحسن وأصح. ويجوز رفع ذنب على البدل. وقيل بنصبهما.
وذكر ابن خلكان: أنه قرأ عليه سنة ست وبعض سنة سبع وعشرين معظم اللمع لابن جني. وقال: حضرته وقد شرح هذا البيت، فطول وأوضح، والشخص الذي شرح له ساكت، منصت إلى الآخر ثم قال: يا سيدي، وأيش في المليحة ما يشبه الظبية؟ قال: قرونها وذنبها! فضحك الجماعة وخجل الرجل.
والبيت:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل وبين النقا آأنت أم أُمّ سالم
روى عنه: الصاحب كمال الدين ابن العديم، وابنه مجد الدين، وابن الحلوانية، وابن هامل، وبهاء الدين أيوب ابن النحاس، وأخوه أبو الفضل إسحاق، وسنقر القضائي، والحافظ أبو العباس ابن الظاهري، وأبو بكر أحمد الدشتي - وهو آخر من حدث عنه - وعبد الملك ابن العنيقة العطار.
وكان ظريفاً مطبوعاً، خفيف الروح، طيب المزاح، مع سكينة ورزانة. وله نوادر كثيرة. وكان طويل الروح، حسن التفهيم، وعامة فضلاء حلب تلامذته، لأنه أقرأ العربية والتصريف مدةً طويلة. وكان يعرف قديماً بابن الصائغ. شرح المفصل للزمخشري، والتصريف لأبي الفتح ابن جني.
وتوفي في الخامس والعشرين من جمادى الأولى بحلب، وله تسعون