على الشام موسى بن عبدة ليذهب إليها ويدعو إلى محمد فقتل محمد قبل أن يصل موسى. وكان محمد شديد الأدمة جسيماً فيه تمتمة.
وروى عباس بن سفيان عن أشياخ له قالوا: لما ظهر محمد قال المنصور لإخوته: إن هذا الأحمق يعني عبد الله بن علي، وكان في سجنه لا يزال يطلع له الرأي الجيد في الحرب فادخلوا عليه فشاوروه ولا تعلموه إني أمرتكم، فدخلوا عليه جميعاً، فلما رآهم قال: لأمر ما جئتم وما جاء بكم جميعاً وقد هجرتموني من دهر؟ قالوا: استأذنا أمير المؤمنين فأذن لنا. قال: ليس هذا بشيء فما الخبر؟ قالوا: خرج محمد. قال: فما ترون ابن سلامة صانعاً، يعني المنصور، قالوا: لا ندري. قال: إن البخل قد قتله فمروه أن يخرج الأموال ويعط الأجناد فإن غلب فما أوشك أن يعود إليه ماله.
قال: وجهز المنصور عيسى بن موسى لحرب محمد وكتب إليه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} إلى قوله: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} الآية. ولك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله إن تبت ورجعت أؤمنك وجميع أهل بيتك وأفعل لك وأعطيك ألف ألف درهم وما سألت من الحوائج، فكتب جوابه إلى المنصور: من المهدي محمد بن عبد الله أبي عبد الله: {طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُو عَلَيْكَ} إلى قوله {مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} وأنا أعرض عليك من الأمان مثل ما عرضت علي، فإن الحق حقنا، وإنما ادعيتم هذا الأمر بنا، ثم ذكر شرفه، وأبوته حتى إنه قال: فأنا ابن أرفع الناس درجة في الجنة، وابن أهونهم عذاباً في النار، وأنا ابن خير الأخيار، وابن خير الأشرار، وابن خير أهل الجنة، وابن خير أهل النار، وأنا أوفى بالعهد منك لأنك أعطيتني من العهد والأمان ما أعطيته رجالاً قبلي، فأي الأمانات تعطيني! أمان ابن هبيرة، أم أمان عمك عبد الله بن علي، أم أمان أبي مسلم.