إلى أن مات، قال قطب الدّين: أحصيت السياط التي ضربها فكانت سبعة عشر ألفاً ونيف.
وفيها وصل رسول صاحب اليمن الملك المظفر شمس الدّين يوسف بن عمر بتقادم، منها: فيل، وحمار وحش، وخيول، ومسك، وعنبر، وصيني، وأشياء، وطلب معاضدة السلطان له وأنه يخطب له في بلاده، فبعث إليه الأمير فخر الدّين إياز المقرئ ومعه خلعة وسنجق وتقليد بالسلطنة.
وفي جمادى الآخرة خرج السلطان إلى الشام واستناب بيليك الخزندار، فأتته رسل صاحب يافا فاعتقلهم وأمر العسكر بلبس السلاح ليلاً، وسار فصبح يافا، فهربوا إلى القلعة، وملكت المدينة بلا كلفة، وطلب أهل القلعة الأمان، فأمنهم وعوضهم عما نهب لهم أربعين ألف درهم، وركبوا في البحر إلى عكا، ثم هدمت يافا وقلعتها، ثم سار طالباً الشقيف فنازلها وظفر بكتاب من عكا إلى الشقيف استفاد منه أشياء كتبها إليهم كانت سبب الخلف بينهم، واشتد الحصار والزحف والمجانيق، فطلبوا الأمان، فتسلم السلطان الحصن، وكان فيه نحو خمسمائة رجل، فساروا إلى صور، وكان الحصار عشرة أيام، ثم سار السلطان جريدة فأغار على طرابلس، وخرب قراها، وقطع أشجارها، وغور أنهارها، ورحل، فنزل على حصن الأكراد بالمرج الذي تحت الحصن، فنزل إليه رسولٌ بإقامةٍ وضيافة، فردها وطلب منهم دية رجل من أجناده قتلوه مائة ألف دينار، ثم رحل إلى حمص وحماة، ثم إلى فامية، ثم رحل ليلاً وأمر العسكر بلبس العدة فنزل على أنطاكية في أول رمضان، فخرجوا إليه يطلبون الأمان، وشرطوا أشياء لم يجبهم إليها، وزحف عليها فافتتحها في رابع رمضان، وصمَّد غنائمها، ثم قسمها على الجيش بحسب مراتبهم، وحصروا من قُتل فيها من النصارى، فكانوا فوق الأربعين ألفاً.
وأما ابن عبد الظاهر فقال: ما رُفع السيف عن رجل بمدينة أنطاكية قط حتى لو حلف الحالف ما سلم منها أحدٌ لصدق، ثم قال: وكان بها على ما يقال مائة ألف وثمانية آلاف من الذكور، وذلك حسبما عده نائب التّتار الذي