الآخر. وكذلك صورة الفناء. فكانوا يتفقون في الأسماء ويختلفون في معناها. لأن ما تحت الاسم غير محصور، لأنها من المعارف، وكذلك علم المعرفة غير محصور، ولا نهاية له، ولا لوجوده، ولا لذوقه. إلى أن قال: فإذا سمعت الرجل يسأل عن الجمع أو الفناء أو يجيب فيهما، فاعلم أنه فارغ ليس من أهلها. لأن أهلها لا يسألون عنها، لعلمهم بأنها لا تدرك وصفا، وكذلك المجيب فيها إن كان من أهلها علم أن السائل عنها ليس من أهلها، فمحال إجابته، كما هو محال سؤال من ليس من أهلها. فإذا رأيت سائلا عن ذلك فاعلم فراغه وعاميته.
قلت: وصنف في شرف الفقر، وفي التصوف، وكان ثقة ثبتا.
ومن كلامه: أخسر الخاسرين من أبدى للناس صالح أعماله، وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد.
وقال السلمي: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله الرازي يقول: سمعت ابن الأعرابي يقول: إن الله طيب الدنيا للعارفين بالخروج منها، وطيب الجنة لأهلها بالخلود فيها. وسمعته يقول: ثبت الوعد والوعيد عن الله تعالى، فإذا كان الوعد قبل الوعيد فالوعيد تهديد، وإذا كان الوعيد قبل الوعد فالوعيد منسوخ. وإذا كانا معا، فالغلبة والثبات للوعد، لأن الوعد حق العبد، والوعيد حق الله والكريم يتغافل عن حقه.
وقال السلمي: سمعت محمد بن الحسن الخشاب يقول: سمعت ابن الأعرابي يقول: المعرفة كلها الاعتراف بالجهل، والتصوف كله ترك الفضول، والزهد كله أخذ ما لا بد منه، والمعاملة كلها استعمال الأولى فالأولى، والرضا كله ترك الاعتراض، والعافية كلها سقوط التكلف بلا تكلف.
وذكر أبو عمر الطلمنكي، عن شيخه أبي عبد الله بن مفرج قال: لقيت بمكة أبا سعيد ابن الأعرابي العنزي، وتوفي يوم السابع والعشرين من ذي القعدة سنة أربعين، وصلينا عليه. ومولده سنة ست وأربعين ومائتين.