وقلدت جسيما، فعند الله أحتسب أمير المؤمنين، وبه أستعين على خلافة المسلمين.
قال الأصمعي: كان نقش خاتم المهدي: الله ثقة محمد، وبه يؤمن.
وروى أبو العيناء، عن مسلمة بن عدي، أن المهدي قال في خطبته: أيها الناس: أسروا مثل ما تعلنون من طاعتنا نهبكم العافية، وتحمدوا العاقبة، واخفضوا جناح الطاعة لمن نشر معدلته فيكم، وطوى الإصر عنكم، وأهال عليكم السلامة من حيث رآه الله مقدما ذلك، والله لأفنين عمري بين عقوبتكم، والإحسان إليكم.
قال مسلمة: فرأيت وجوه الناس تشرق فرحا.
قال نفطويه: أخبرني أبو العباس المنصوري قال: لما حصلت الخزائن في يد المهدي، أخذ في رد المظالم، فأخرج أكثر الذخائر ففرقها، وبر أهله ومواليه.
قلت: كان أبوه جمع من الأموال ما لا يعبر عنه، وكان مسيكا. فذكر عن الربيع الحاجب أنه قال: مات المنصور وفي بيت المال مائة ألف ألف درهم، وستون ألف ألف درهم، فقسم ذلك المهدي وأنفقه، وكانت نفقة المنصور ما يجيئه من مال الشراة نحو ألفي درهم في السنة.
قلت: وزن ذلك المال بالقنطار الدمشقي ألفا قنطار وستمائة قنطار وسبعون، وإذا صرف بها ذهب مصري، جاء أزيد من مائة قنطار وسبعين قنطارا.
وعن صالح المري قال: دخلت على المهدي بالرصافة فقلت: احمل قولي يا أمير المؤمنين فإن أولى الناس بالله أحملهم لغلظة النصيحة فيه، وجدير بمن له قرابة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرث أخلاقه ويأتم بهديه، وقد ورثك الله من فهم العلم وإنارة الحجة ميراثا قطع به عذرك، فمهما ادعيت من حجة، أو ركبت من شبهة لم يصح لك برهان من الله فيها، حل بك من سخط الله بقدر ما تجاهلته من العلم، وأقدمت عليه من شبه الباطل، واعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خصم من خالفه، وأثبت الناس قدما يوم القيامة، آخذهم