ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا وكم قد رأينا من رجال ودولة فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا وكم من جبال قد علت شرفاتها رجال فزالوا والجبال جبال حكى الأديب شرف الدين محمد بن عنين أنه حضر درس فخر الدين في مدرسته بخوارزم، ودرسه حافل بالأفاضل، واليوم شات، وقد وقع ثلج كثير، وبرد خوارزم شديد، فسقطت بالقرب منه حمامة، وقد طردها بعض الجوارح، فلما وقعت، رجع عنها الجارح، وخاف، فلم تقدر الحمامة على الطيران من الخوف ومن البرد، فلما قام فخر الدين من الدرس، وقف عليها، ورق لها وأخذها. فقلت في الحال:
يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا في كل مسغبة وثلج خاشف العاصمين إذا النفوس تطايرت بين الصوارم والوشيج الراعف من نبأ الورقاء أن محلكم حرم وأنك ملجأ للخائف؟ وفدت عليك وقد تدانى حتفها فحبوتها ببقائها المستأنف ولو أنها تحبى بمال لانثنت من راحتيك بنائل متضاعف جاءت سليمان الزمان بشكوها والموت يلمع من جناحي خاطف قرم لواه القوت حتى ظله بإزائه يجري بقلب واجف وله فيه:
ماتت به بدع تمادى عمرها دهراً وكاد ظلامها لا ينجلي فعلا به الإسلام أرفع هضبة ورسا سواه في الحضيض الأسفل غلط امرؤ بأبي علي قاسه هيهات قصر عن هداه أبو علي لو أن رسطاليس يسمع لفظة من لفظه لعرته هزة أفكل ولحار بطليموس لو لاقاه من برهانه في كل شكل مشكل ولو أنهم جمعوا لديه تيقنوا أن الفضيلة لم تكن للأول ومن كلام فخر الدين قال: