فأخذت فرسه وسمطت رأسه، ورددت إلى الدير، فألقيت الرأس، ودعوتها ومن معها من النساء والخدم، فوقفن بين يدي، وأمرتها بالرحلة ومن معها على الدواب، وسرت بها وبهن إلى العسكر، فتنفلت المرأة بعينها وسلمت سائر الغنيمة، واتخذتها، فهي أم بني.
قال الوليد بن مسلم: سمعت عبد الله بن راشد الخزاعي يخبر عمن سمع من البطال، أنه ولي المصيصة وما يليها، فبعث سريةً، فأبطأ عليه خبرها، فأشفق من مصيبة، قال: فخرجت مفرداً، فلم أجد لهم خبراً، ثم أعطيت خبرهم، فخفت عليهم من العدو، ولم أجد أحداً يخبرني بشيءٍ، فسرت حتى أقف بباب عمورية، فضربت بابها وقلت للبواب: افتح لفلانٍ سياف الملك ورسوله، وكنت أشبه به، فأعلمه، فأمره، ففتح لي، فصرت إلى بلاطها، وأمرت من يشتد بين يدي إلى باب بطريقها، ففعل، ووافيته وقد جلس لي، فنزلت عن فرسي وأنا متلثم، فأذن لي ورحب بي، فقلت: أخرج هؤلاء فإني قد حملت إليك أمراً، فأخرجهم، وشددت عليه حتى أغلق باب الكنيسة وأتى إلي، فاخترطت سيفي وقلت: قد وقعت بهذا الموضع، فأعطني عهداً حتى أكلمك بما أردت حتى أرجع من حيث جئت، ففعل، فقلت: أنا البطال، فاصدقني وانصحني، وإلا قتلتك، قال: سل. فقلت: السرية. قال: نعم، وافت البلاد غارةٌ لا يدفع أهلها يد لامس، فوغلوا في البلاد وملأوا أيديهم غنائم، وهذا آخر خبر جاءني بأنهم بوادي كذا وكذا، قد صدقتك. فغمدت سيفي، وقلت: ادع لي بطعامٍ، فدعا به، ثم قمت وقال: اشتدوا بين يدي رسول الملك حتى يخرج، ففعلوا، وقصدت السرية وخرجت بهم وبما غنموا.
وعن أبي بكر بن عياش قال: قيل للبطال: ما الشجاعة؟ قال: صبر ساعة.
وقال الوليد: أخبرني ابن جابر، قال: حدثني من سمع البطال يخبر مالك بن شبيب أمير مقدمة الجيش الذي قتل فيه. عن خبر بطريق أقرن صهر البطال، أن ليون طاغية الروم قد أقبل نحوه في مائة ألف، فذكر قصة، فيها إشارة البطال عليه باللحاق ببعض مدن الروم والتحصن به، حتى