تكاملت فيك أخلاق خصصت بها فكلنا بك مسرور ومغتبط فالسن ضاحكة والكف مانحة والصدر منشرح والوجه منبسط
وقال ابن خلكان: كان عند موته شيخًا نقي البياض، معتدل القامة، عظيمًا، أشهل العينين، كث اللحية، شثن الكفين، طويل القعدة، واضح بياض الأسنان، بخده الأيمن خال، عظيم الهامة. قال صاحب سيرته: هكذا رأيته.
قال ابن خلكان: وحكي أن عبد المؤمن كان في صباه نائمًا، فسمع أبوه دويًا، فرفع رأسه، فإذا سحابة سوداء من النحل قد أهوت مطبقة على بيته، فنزلت كلها على عبد المؤمن وهو نائمًا، فلم يستيقظ، ولا آذاه شيء منها، فصاحت أمه، فسكتها أبوه، وقال: لا بأس، ولكني متعجب مما يدل عليه هذا، ثم طار عنه النحل كله، واستيقظ الصبي سالمًا فمشى أبوه إلى زاجر فأخبره بالأمر، فقال: يوشك أن يكون له شأن يجتمع على طاعته أهل المغرب.
وقد ذكرنا في ترجمة ابن تومرت كيف وقع بعبد المؤمن، وأفضى إليه بسره. وكان ابن تومرت يقول لأصحابه: هذا غلاب الدول.
وقد مر أيضًا في ترجمة ابن تومرت: أن في سنة إحدى وعشرين جرت وقعة البحيرة على باب مراكش استؤصلت فيها عامة عسكر الموحدين، ولم ينج منهم إلا أربعمائة مقاتل، وذلت المصامدة، فلما توفي ابن تومرت سنة أربع وعشرين أخفوا موته، فكان عبد المؤمن وغيره يخرج الرجل منهم ويقول: قال المهدي كذا، وأمر بكذا. وجعل عبد المؤمن يخرج بنفسه، ويغير على البلاد، وأمرهم يكاد أن يدثر، حتى وقع بين المرابطين وبين الفلاكي ما أوجب عليه الهرب منهم فقدم إلى الجبل، فتلقاه عبد المؤمن بالإكرام، واعتضد به اعتضادًا كليًا. فلما كان في سنة تسع وعشرين صرحوا بموت المهدي، ولقبوا عبد المؤمن أمير المؤمنين، ورجعت حصون الفلاكي كلها للموحدين،