ثم سار إليه الحسن بن أحمد القرمطي وعاضده، وتحالفا، وأعانهما أحداث دمشق، وقصدوا جوهرا، فتقهقر إلى الرملة وتحصن بها، ثم تحول إلى عسقلان وحاصروه حتى أكل عسكره الجيف، ثم خرج بهم جوهر بذمام أعطاه هفتكين، ومضوا إلى مصر، فتأهب العزيز وسار بجيوشه، فالتقاه هفتكين بالرملة، فقال العزيز لجوهر: أرني هفتكين، فأراه إياه وهو يجول بين الصفين على فرس أدهم وعليه كذاغند أصفر، يطعن بالرمح تارة ويضرب باللت تارة، فبعث العزيز إليه رسولا يقول: يا هفتكين أنا العزيز وقد أزعجتني من سرير ملكي، وأحوجتني لمباشرة الحرب بنفسي، وأنا طالب الصلح معك، ولك عهد الله علي أن أصطفيك، وأقدمك على عسكري، وأهب لك الشام بأسره، فنزل وقبل الأرض. ثم اعتذر وقال: أما الآن فما يمكنني إلا الحرب، ولو تقدم هذا لأمكن، ثم حمل على الميسرة فهزمها، فحمل العزيز بنفسه، وحملت معه ميمنته، فانهزم هفتكين، والحسن القرمطي، وقتل من عسكرهما نحو عشرين ألف، ثم بذل العزيز لمن أتاه بهفتكين مائة ألف دينار.
وكان هفتكين يحب مفرج بن دغفل بن جراح، وكان مليحا في العرب، فانهزم نحو الساحل ومعه ثلاثة، وبه جراح، وقد عطش، فصادفه مفرّج في الخيل فأكرمه، وسقاه، وحمله إلى أهله، ثم غدر به وسلمه إلى العزيز لأجل المال، فبالغ العزيز في إكرامه، وإجلاله، وأعاده إلى رتبة الإمرة مثل ما كان. فحكى القفطي في تاريخه أن العزيز أمر له بضرب سرادق، وفرس، وآلات، وبإحضار كل من حصل في أسره من جند هفتكين وحاشيته، فكساهم وأعطاهم، ورتب كل واحد منهم في منزلته، وركب الجيش لتلقي هفتكين، وسار لإحضاره جوهر القائد، فلم يشك هفتكين أنه مقتول، فلما وصل رأى من الكرامة ما بهره، ثم نزل في بيت المخيم، فشاهد أصحابه وحاشيته على ما كانوا عليه، فرمى بنفسه إلى الأرض، وعفر وجهه وبكى بكاء كثيرا، ثم اجتمع به العزيز ووانسه