رحل إلى قرطبة في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وأتى أبا القاسم إبراهيم بن محمد الإفليليّ فلازمه، وأخذ عن أبي سهل الحرّانيّ، ومسلم بن أحمد الأديب.
وكان عالمًا باللُّغات والإعراب والمعاني، واسع الحفظ، جيّد الضَّبط، كثير العناية بهذا الشّأن. اشتهر اسمه، وسار ذكره. وكانت الرحلة إليه في وقته. أخذ عنه أبو عليّ الغسّانيّ، وطائفة كبيرة.
وكفّ بصره في آخر عمره، وكان مشقوق الشَّفة العليا شقًّا كبيرًا. توفّي بإشبيلية، وله ستٌّ وستّون سنة.
قال أبو الحسن شريح بن محمد: توفّي أبي في منتصف شوّال فأتيت أبا الحجّاج الأعلم فأعلمته بموته، فإنّهما كانا كالأخوين، فانتحب وبكى، وقال: لا أعيش بعده إلاّ شهرًا. فكان كذلك.
١٩٢ - أبو الخطّاب الصّوفيّ، هو أحمد بن عليّ بن عبد الله المقرئ البغداديّ المؤدَّب.
أحد الحذَّاق، قرأ القراءات على الحمّاميّ. وله قصيدة مشهورة في السُّنَّة، رواها عنه عبد الوهّاب الأنماطيّ. وقصيدة في آي القرآن، رواها عنه قاضي المرستان. قرأ عليه: هبة الله ابن المجليّ، والخطيب أبو الفضل محمد بن المهتدي بالله.
قال أبو الفضل بن خيرون: كان عنده عن ابن الحمّاميّ السّبعة تلاوةً.
وقال شجاع الذَّهليّ: كان أحد الحفّاظ للقرآن المجودَّين. يذكر أنّه قرأ بالرّوايات على الحّماميّ، ولم يكن معه خطٌّ بذلك، فأحسن النّاس به الظّنّ، وصدّقوه، وقرؤوا عليه. مات في رمضان سنة ستّ؛ وكذا ورّخه ابن خيرون، وولد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.