أثرًا وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرًا، وقيّد منهم إلى مصر مائة وسبعون أسيرًا.
وفي المحرم نزل صلاح الدين على حلب، ثم تسلمها صلحًا.
وفيها سار شهاب الدين الغوري بعد ما ملك جبال الهند، وعظم سلطانه إلى مدينة لهاوور في جيش عظيم وبها السلطان خسروشاه بن بهرام شاه السبكتكيني الذي كان صاحب غزنة من ثلاثين سنة، فحاصره مدةً، ثم نزل بالأمان فأكرمه ووفى له.
فورد رسول السلطان غياث الدين إلى أخيه يأمره بإرسال خسروشاه إليه، فقال له: أنا لي يمين في عنقك. فطيّب قلبه ومنّاه، وأرسله هو وولده، فلم يجتمع بهما غياث الدين بل رفعهما إلى بعض القلاع، فكان آخر العهد بهما. وهذا آخر ملوك بني سبكتكين. وكان ابتداء دولتهم من سنة ست وستين وثلاثمائة، فتبارك الله الذي لا يزول ملكه.
وفيها عاد شيخ الشيوخ وبشير من الرسلية، ومعهما رسول صلاح الدين بتقدمتين كان منها شمسة، يعني جترا، وهي مصنوعة من ريش الطواويس، لم ير في حسنها، وعليها اسم المستنصر بالله معد العبيدي.
وتوفي الخلال أبو المظفر ابن البخاري نائب الوزارة، فولّي مكانه حاجب باب النوبي عز الدين أبو الفتح بن صدقة. وولي الحجابة أحمد بن هبيرة.
وعاد إلى الشام شيخ الشيوخ وبشير على الفور، فمرضا، وطلبا الرجعة إلى العراق، فقال صلاح الدين: أقيما. فلم يفعلا، وسارا في الحر، فماتا في الرحبة.
ونازل السلطان حلب، وحاصرها أشد حصار، ثم وقّع الصلح بين صاحبها عماد الدين وبين السلطان، على أن يعوّضه عنها سنجار ونصّيبين والرّقّة وسروج والخابور. وتسلّم حلب في ثاني عشر صفر. وفيه يقول القاضي محيي الدين ابن القاضي زكي الدين ابن المنتجب يمدحه بأبيات منها: وفتحكم حلبًا بالسيف في صفر مبشر بفتوح القدس في رجب