فيها شغب الأتراك، وخرجوا بالخيم، وشكوا من تأخر النفقات ووقوع الاستيلاء على إقطاعهم. فعرف السلطان، فكاتب دبيس بن عليّ بن مزيد، وأبا الفتح بن ورام، وأبا الفوارس بن سعدي في الاستظهار بهم، وكتبَ إلى الأتراك رقعة يلومهم، وحاصل الأمر أن النّاس ماجوا وانزعجوا، ووقع النهب وغلت الأسعار وزاد الخوف، حتى أن الخطيب يوم الجمعة صلى صلاة الجمعة بجامع براثا وليس وراءه إلا ثلاثة أنفس بدرهم خفارة!
وخرج الملك جلال الدولة لزيارة المشهدين بالحير والكوفة، ومعه أولاده والوزير كمال الملك، وجماعة من الأتراك فبدأ بالحير، ومشى حافيا من العلميّ. ثم زار مشهد الكوفة فمشى حافيا من الخندق، وقدر ذلك فرسخ.
[سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة]
فيها نزلت الغز الري، وانصرف مسعود إلى غزنة، وعاد طغرلبك إلى نيسابور، واستولت الغز والسلجوقية على جميع خراسان، وظهر من خرقهم الهيبة واطراحهم الحشمة وقتلهم للنّاس ما جاوز الحد، وقصدوا خلقا كثيرا من الكتاب فقتلوا منهم وصادروا وبدعوا.
وتجددت الفتن، ووقع القتال بين أهل الكرخ والسنة، واستمر ذلك، وقتل جماعة، وسبب ذلك انخراق الهيبة وقلة الأعوان.