فأطلقوه، فالتجأ إلى الملك الصالح صاحب دمشق. ثم لم يثبت، وقصد الفرنج، وبقي معهم مدة. ثم رجع إلى دمشق فحبسه الصالح بحصن عزتا، وهلك في سنة إحدى وأربعين.
وفيها شرع الصالح صاحب مصر في عمارة المدرسة بين القصرين، وفي عمارة قلعة الجزيرة، وأخذ أملاك الناس، وخرب نيفا وثلاثين مسجدا، وقطع ألف نخلةٍ، وغرم على هذه القلعة دخل مصر عدة سنين. ثم أخربها غلمانه في سنة إحدى وخمسين وستمائة.
وفيها تخلص الوزير صفي الدين إبراهيم بن مرزوق من حبس حمص بعد أن بقي به عدة سنين. وكان الملك الجواد وصاحب حمص قد تعصبا عليه وأخذا منه أموالا عظيمة، فيقال: أخذا أربعمائة ألف درهمٍ.
وفيها دخل الشيخ عز الدين ابن عبد السلام الشافعي إلى ديار مصر، وأقبل عليه السلطان إقبالا عظيما، وولاه الخطابة والقضاء، فعزل نفسه من القضاء مرتين وانقطع.
وفيها دخل بايجو وطائفةٌ من التتار في بلاد الروم فعاثوا، وسفكوا، وهرب منهم السلطان غياث الدين وضعف عن الملتقى.
وفيها ولي تدريس النظامية نجم الدين عبد الله ابن البادرائي مدرس مدرسة الإمام الناصر، وخلع عليه بطرحةٍ.
وفيها أغارت الخوارزمية ونهبت وسبت نصيبين ورأس عين ودنيسر، وقتلوا عددا كبيرا من المسلمين. ثم طلبوا الصلح مع المظفر غازي، فحلف لهم وحلفوا له، ومقدمهم الكبير هو بركة خان، وهم نحو خمسة آلاف فارس. ودون بركة خان في الرتبة اختيار الدين بردي خان، وقد كان أمير حاجب السلطان جلال الدين، وهو شيخٌ داهيةٌ، له رأيٌ ورواءٌ، ودونه صارو خان، شحنة الجمال التي لجلال الدين خوارزم شاه؛ وهو شيخٌ بطينٌ أبله، ثم كشلوخان تربية جلال الدين؛ شابٌ عاقلٌ، وابن أخت جلال الدين، وبهادر، وبكجري، وتبلو، وغيرهم من الأمراء. وهذا بركة خان، شابٌ مليح أول ما طر شاربه. فتزوج الملك المظفر بابنة عم بركة خان، وتسلطت الخوارزمية على بلاد الجزيرة، وبالغوا في العيث والفساد، وخربوا أعمال الموصل حتى