وقال موسى بن عامر: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا ابن جابر، قال: دخل القاسم بن مخيمرة على أبي إدريس، فقال: إن حارثا لقيني فأخذ عهدي لأسمعن منه، فإن قبلته قبلت وإن سخطته كتمت علي. فزعم أنه رسول الله، قلت: إنه أحد الدجالين الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثون دجالون، كلهم يزعم أنه نبي، وهو أحدهم، فارفع شأنه إلى عبد الملك، فقال أبو إدريس: أسأت، أنذرته لو أدنيته إلينا حتى نأخذه، قال: ورفع أمره إلى عبد الملك فطلب وتغيب حارث، فأخذه عبد الملك فصلبه، فحدثني من سمع عتبة الأعور يقول: سمعت العلاء بن زياد يقول: ما غبطت عبد الملك بشيء من ولايته إلا بقتله حارثا.
وقال ضمرة بن ربيعة: حدثنا علي بن أبي حملة، قال: لما ظهر الحارث أتاه مكحول، وعبد الله بن أبي زكريا، وجعلا له الأمان، وسألاه عن أمره، فأخبرهما، فكذباه وردا عليه، وقالا: لا أمان لك، ثم أتيا عبد الملك فأخبراه، قال: وهرب الحارث حتى أتى بيت المقدس، فبعث في طلبه حتى أتي به فقتله.
وقال عبد الوهاب بن الضحاك العرضي: حدثنا شيخ يكنى أبا الربيع، وقد أدرك ناسا من القدماء قال: لما أخذ الحارث ببيت المقدس حمل على البريد، وجعلت في عنقه جامعة من حديد، فأشرف على عقبة بيت المقدس، فتلا:{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} قال: فتقلقلت الجامعة ثم سقطت من يده ورقبته إلى الأرض، فوثب إليه الحرس فأعادوها، فلما أشرف على عقبة أخرى قرأ آية أخرى، فسقطت من رقبته ويده، فأعادوها عليه، فلما قدموا على عبد الملك حبسه، وأمر رجالا كانوا معه في السجن من أهل الفقه والعلم أن يعظوه ويخوفوه بالله، ويعلموه أن هذا من الشيطان، فأبى أن يقبل منهم، فأمر به فصلب، وطعنه رجل بحربة، فانثنت الحربة، فقال الناس: ما ينبغي لمثل هذا أن يقتل، ثم أتاه حرسي برمح فطعنه بين ضلعين من أضلاعه، ثم هزه فأنفذه، قال: وسمعت غير واحد ولا اثنين يقولون: إن الذي طعنه بالحربة فانثنت