وسنده، في أعلى درجة النّسك والعفاف والصَّلاح والورع، من فرسان الحديث.
قلت: وتفقه بأحمد بن حنبل، ولازمه مدّة، وكان من نجباء أصحابه، ومن جلَّة فقهاء زمانه، مع التقدُّم في الحديث والزُّهد.
روى أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال، عن عبد الله: إنّه كان يشبَّه بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في هديه ودلّه. قال: وكان علقمة يشبَّه بابن مسعود. قال جرير بن عبد الحميد: وكان إبراهيم يشبَّه بعلقمة، وكان منصور يشبّه بإبراهيم. وقال غيره: كان سفيان الثَّوريّ يشبّه بمنصور، وكان وكيع يشبّه بسفيان، وكان أحمد بن حنبل يشبّه بوكيع، وكان أبو داود يشبّه بأحمد.
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو داود هو إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة، كتب بخراسان قبل خروجه إلى العراق في بلده، وفي هراة؛ وكتب ببغلان عن قتيبة، وبالرّيّ عن إبراهيم بن موسى، وقد كان كتب قديما بنيسابور، ثمّ رحل بابنه إلى خراسان. كذا قال الحاكم.
وأمّا القاضي شمس ال ّين بن خلّكان فقال: سجستان قرية من قرى البصرة.
قلت: سجستان إقليم منفرد متاخم لبلاد السّند، يذهب إليه من ناحية هراة.
وقد قيل: إن أبا داود من سجستان، قرية من قرى البصرة؛ وهذا ليس بشيء، بل دخل بغداد قبل أن يجيء إلى البصرة.
وقال الخطّابيّ: حدَّثني عبد الله بن محمد المسكّيّ، قال: حدّثني أبو بكر بن جابر خادم أبي داود رحمه الله قال: كنت مع أبي داود ببغداد، فصلَّينا المغرب، فجاءه الأمير أبو أحمد الموفَّق فدخل، ثم أقبل عليه أبو داود فقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت؟ قال: خلالٌ ثلاث. قال: وما هي؟ قال: تنتقل إلى البصرة فتتّخذها وطنا ليرحل إليك طلبة العلم،