للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مدخل: تدوين الكتاب]

لا ندري الوقت الذي بدأ الذهبي فيه بتأليف كتابه، ولكننا نعلم أنه فرغ من إخراجه الأول في جُمادى الآخرة من سنة ٧١٤ هـ كما جاء بخطه في آخر المجلدة الأخيرة منه (١). ورجح الدكتور صلاح الدين المنجد أنه بدأ به إثر عودته من مصر سنة ٧٥٥ هـ (٢). وقد بينا عند كلامنا على سيرة الذهبي أن رحلته إلى مصر لم تكن في هذا التاريخ، إنما كانت في سنة ٦٩٥ هـ ودللنا على ذلك بأدلة لا تقبل الشك (٣). ومع ذلك فإننا نعتقد بأنه بدأ بكتابة المسودة الأولى قبل سنة ٧٠٤ هـ وهي السنة التي اختصر فيها الذهبي تاريخ ابن الدبيثي (٤) حيث لم يذكره من بين ما اختصر من كتب رئيسة في مقدمته لتاريخ الإسلام. ولكن من المحتمل جدًّا أن يكون قد جمع كثيرًا من مادة الكتاب قبل هذا التاريخ بكثير، إذ من غير المعقول أن يكون قد كتب مثل هذا التاريخ الواسع ذي الموارد المتعددة قبل جمع مادته بصورة دقيقة ومنظمة، واختصار عدد من المؤلفات الرئيسة التي كونت مادة كتابه مثل "تاريخ نيسابور" لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى سنة ٤٥٥ هـ، و"تاريخ مصر" لابن يونس المتوفى سنة ٣٤٧ هـ، و"تاريخ مدينة السلام" للخطيب البغدادي المتوفى سنة ٤٦٣ هـ، والذيل عليه لأبي سعد السمعاني المتوفى سنة ٥٦٢ هـ، و"الأنساب" للسمعاني أيضًا، و"تاريخ دمشق" لأبي القاسم ابن عساكر المتوفى سنة ٥٧١ هـ، و"وفيات الأعيان" لابن خَلِّكان المتوفى سنة ٦٨١ هـ، وتاريخ أبي شامة المتوفى سنة ٦٦٥ هـ، و"ذيل مرآة الزمان" لشيخه قطب الدين اليونيني المتوفى سنة ٧٢٦ هـ.

وحينما انتهى الذهبي من تدوين تاريخه لأول مرة سنة ٧١٤ هـ، صار الكتاب كما يبدو في تسعة عشر مجلدًا ضخمًا بخطه. ثم أضافَ إليه كثيرًا من


(١) الورقة ٣٤٥ (أيا صوفيا ٣٠١٤).
(٢) مقدمته لطبعته من سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٧.
(٣) انظر أدناه الفصل الأول من الباب الأول.
(٤) الذهبي: المختصر المحتاج إليه، الورقة ١٣٢ (نسخة دار الكتب المصرية وهي بخط الذهبي) وقد جاء في آخرها: "تم اختصاره للذهبي في أواخر سنة أربع وسبع مئة من نسخة الوقف بالناصرية".

<<  <  ج: ص:  >  >>