أصحابه أنه صاحب دعوته، وسلم عليه بالإمامة. وذلك في سابع ذي الحجة سنة ست. فأقام بسجلماسة أربعين يوماً، ثم قصد إفريقية، وأظهر التواضع والخشوع، والإنعام والعدل، والإحسان إلى الناس، فانحرف الناس إليه، ولم يجعل لأبي عبد الله كلاماً. فلامه أبو العباس، وعرفه سابقة أبي عبد الله.
ثم أراد أبو عبد الله استدراك ما فات، فقال على سبيل النصح للمهدي: أنا أخبر منك بهؤلاء، فاترك مباشرتهم إلي، فإنه أمكن لجبروتك، وأعظم لك. فتوحش من كلامه، وساء به ظنه، فحبب أبو العباس نفوس جماعة من الأعيان، وشككهم في المهدي، حتى جاهره مقدمهم بذلك فقتله، وتأكدت الوحشة بين المهدي وبين الأخوين، وجماعة من كتامة، وقصدوا إهلاك المهدي، فتلطف حتى فرقهم في الأعمال، ورتب من يقتل الأخوين، فعسكرا بمن معهما وخرجا، فقتلا سنة ثمان وتسعين، وقتل معهما خلق.
[سنة سبع وتسعين ومائتين]
توفي فيها: إبراهيم بن هاشم البغوي، وإسماعيل بن محمد بن قيراط، وعبد الرحمن بن القاسم ابن الرواس الهاشمي، وعبيد بن غنام، ومحمد بن عبد الله مطين، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن داود الظاهري، ويوسف بن يعقوب القاضي.
وفيها أدخل طاهر ويعقوب ابنا محمد بن عمرو بن الليث الصفار بغداد أسيرين.
وفيها وصل الخبر إلى العراق بظهور عبيد الله المسمى بالمهدي؛ وأخرج ابن الأغلب وبنى المهدية. وخرجت المغرب عن أمر بني العباس من هذا التاريخ.
وهرب ابن الأغلب وقصد العراق، فكتب إليه أن يصير إلى الرقة ويقيم بها.
وتوفي نائب مصر عيسى النوشري، وعامل خراجها أحمد بن محمد بن بسطام، فقلد تكين أبو منصور الخاصة مصر، فوصلها في ذي الحجة، واستعمل على الخراج علي بن أحمد بن بسطام.