فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أوقد بعث إليه؟ قال: نعم. فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته، تعرض عليه أرواح ذرّيته المؤمنين فيقول: روح طيّبة ونفس طيّبة اجعلوها في علّيين، ثم تعرض عليه أرواح ذرّيّته الفجّار، فيقول: روح خبيثة ونفس خبيثة، اجعلوها في سجّين. ثمّ مضيت هنيّة، فإذا أنا بأخونة - يعني بالخوان المائدة - عليها لحم مشرّح، ليس يقربها أحد، وإذا أنا بأخونة أخرى، عليها لحم قد أروح ونتن، وعندها أناس يأكلون منها. قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمّتك يتركون الحلال ويأتون الحرام، قال: ثمّ مضيت هنيّة، فإذا أنا بأقوام بطونهم أمث ل البيوت، كلّما نهض أحدهم خرّ يقول: اللهمّ لا تقم السّاعة، وهم على سابلة آل فرعون، فتجيء السّابلة فتطؤهم، فسمعتهم يضجّون إلى الله، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمّتك الذين يأكلون الرّبا، ثم مضيت هنيّة، فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل، فتفتح أفواههم ويلقمون الجمر، ثمّ يخرج من أسافلهم فيضجّون، قلت: من هؤلاء؟ قال: الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، ثم مضيت هنيّة، فإذا أنا بنساء يعلّقن بثديهنّ، فسمعتهنّ يضججن إلى الله، قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الزّناة من أمّتك، ثمّ مضيت هنيّة، فإذا أنا بأقوام يقطّع من جنوبهم اللّحم، فيلقّمون، فيقال له: كل ما كنت تأكل من لحم أخيك، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الهمّازون من أمّتك اللّمّازون. ثم صعدت إلى السماء الثانية، فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله، قد فضل على النّاس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف، ومعه نفر من قومه، فسلّمت عليه وسلّم عليّ، ثم صعدت إلى السماء الثالثة، فإذا أنا بيحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما. ثم صعدت إلى الرابعة، فإذا أنا بإدريس، ثم صعدت إلى السماء الخامسة، فإذا أنا بهارون، ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء، تكاد لحيته تصيب سرّته من طولها، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا المحبّب في قومه، هذا هارون بن عمران، ومعه نفر من قومه، فسلّمت عليه، ثم صعدت إلى السماء السادسة، فإذا أنا بموسى رجل آدم كثير الشعر، لو كان عليه قميصان لنفذ شعره دون القميص، وإذا هو