معكم. فقالت: لا تحدّث النّاس فيكذّبونك، قال: والله لأحدّثنهم، فأخبرهم فتعجّبوا، وساق الحديث.
فرق الواقديّ، كما رأيت، بين الإسراء والمعراج، وجعلهما في تاريخين.
وقال عبد الوهاب بن عطاء: أخبرنا راشد أبو محمد الحماني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدريّ، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال له أصحابه: يا رسول الله أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها، فقرأ أوّل سبحان وقال:
بينا أنا نائم عشاء في المسجد الحرام، إذ أتاني آت فأيقظني، فاستيقظت، فلم أر شيئا، ثم عدت في النّوم، ثمّ أيقظني، فاستيقظت، فلم أر شيئا، ثمّ نمت، فأيقظني، فاستيقظت، فلم أر شيئا، فإذا أنا بهيئة خيال فأتبعته بصري، حتى خرجت من المسجد، فإذا أنا بدابّة أدنى شبهه بدوابّكم هذه بغالكم، مضطرب الأذنين، يقال له البراق، وكانت الأنبياء تركبه قبلي، يقع حافره مدّ بصره، فركبته، فبينا أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني: يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه، فسرت، ثم دعاني داع عن يساري: يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه، ثمّ إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها، وعليها من كلّ زينة، فقالت: يا محمد انظرني أسألك، فلم ألتفت إليها، حتى أتيت بيت المقدس، فأوثقت دابّتي بالحلقة، فأتاني جبريل بإناءين: خمر ولبن، فشربت اللّبن، فقال: أصبت الفطرة، فحدّثت جبريل عن الدّاعي الذي عن يميني، قال: ذاك داعي اليهود، لو أجبته لتهوّدت أمّتك، والآخر داعي النّصارى، لو أجبته لتنصّرت أمّتك، وتلك المرأة الدّنيا، لو أجبتها لاختارت أمّتك الدنيا على الآخرة، ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس، فصلّينا ركعتين، ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم، فلم تر الخلائق أحسن من المعراج، أما رأيتم الميت حيث يشقّ بصره طامحا إلى السماء، فإنّما يفعل ذلك عجبه به، فصعدت أنا وجبريل، فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل، وهو صاحب سماء الدنيا، وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة ألف ملك، قال تعالى {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ}