ونقل ابن الأثير في كامله فصلًا طويلًا في أخبارهما استطرادًا. وحكى فيه عن بعض المؤرخين أن سلطان شاه أخذ مرو، ودفع الغز عنها، ثم تجمعوا له وأخرجوه، وانتهبوا خزائنه، وقتلوا أكثر رجاله، فاستنجد بالخطا، وجاء بعسكرٍ عظيم، وأخرج الغُز عن مرو، وسرخس، ونسا، وأبيورد، وتملكها، ورجعت الخطا إلى بلادهم بالأموال.
ثم كاتب غياث الدين الغوري ليسلم إليه هراة، وبعث إليه غياث الدين أيضًا، فأمره أن يخطب له ببلاده، فسار وشن الغارات، ونهب بلاد الغوري، وظلم وعسف، فجهز الغوري لحربه ابن أخيه بهاء الدين وصاحب سجستان، فتقهقر سلطان شاه إلى مرو بعد أن عمل كل قبيح بالقرى، فتحزب لقصده غياث الدين وأخوه شهاب الدين صاحب الهند. وجمع سلطان شاه العساكر، واستخدم الغُز وأولي الطمع، وعسكر بمرو الروذ، وعسكر الغوريون بالطالقان. وبقوا كذلك شهرين، وترددت الرسل في معنى الصلح، فلم ينتظم أمر. ثم التقى الجمعان، وصبر الفريقان، ثم انهزم جيش سلطان شاه، ودخل هو مرو في عشرين فارسا، فانتهز أخوه تكش الفرصة، وسار في عسكر، وبعث عسكرًا إلى حافة جيحون يمنعون أخاه من الدخول إلى الخطا إن أرادهم، فلما ضاقت السبل على سلطان شاه، خاطر وسار إلى غياث الدين، فبالغ في إكرامه واحترامه، وأنزله معه، فبعث علاء الدين تكش إلى غياث الدين يأمره بالقبض عليه، فلم يفعل. فبعث علاء الدين يتهدده بقصد بلاده، فتجهز غياث الدين وجمع العساكر، فلم ينشب سلطان شاه أن تُوفي في سلخ رمضان في سنة تسع هذه، فاستخدم غياث الدين أكثر أجناده، وأنعم عليهم، وجرى بعده لعلاء الدين تكش ولغياث الدين اختلاف وائتلاف طمعت بسبب ذلك الغُز، وعادوا إلى النهب والتخريب، فتجهز علاء الدين تكش، وسار ودخل مرو، وسرخس، ونسا، وتطرق إلى طوس.
قلت: وساق ابن الأثير رحمه الله قولًا آخر مخالفًا لهذا في أماكن، واعتذر عنه ببعد الديار، واختلاف النقلة من السفار.