ألفاً. وسيّر إلى الأندلس يهدّد ابن هود، فأطاعه بشرط أن لا يكون عنده أحد من الموحّدين إلاّ إذا احتاج إليهم للغزاة.
وفي رجب وصل قزوينيّ إلى الشّام فأخبر أنّ التّتر خرجوا إلى الخوارزميّ، وأنّهم كسروه أقبح كسرة. وأنّ الكفّار الّذين كانوا في جملة عسكره غدروا به، وعادوا إلى أصحابهم، وأنّ المجمّعة كلّهم تفرّقوا عنه، وبقي في ضعفةٍ من أصحابه وهم قليلون لا سبدٌ لهم ولا لبد، وهكذا كلّ ملك يؤسّس على الظّلم يكون سريع الهدم.
وقال ابن الأثير - وهذه السّنة هي آخر كتابه - قال: في أوّلها وصل التّتار من بلاد ما وراء النّهر، وقد كانوا يعبرون كلّ قليل، ينهبون ما يرونه، فالبلاد خاوية على عروشها. فلمّا انهزم جلال الدّين خوارزم شاه في العام الماضي أرسل مقدّم الإسماعليّة يعرّف التّتار ضعف جلال الدّين، فبادرت طائفة وقصدوا أذربيجان، فلم يقدم جلال الدّين على لقائهم، فملكوا مراغة فعاثوا بأذربيجان، فسار هو إلى آمد، وتفرّق جنده، فبيّته التّتار ليلةً، فنجا وتفرّق أصحابه في كلّ وجه. فقصد طائفةٌ منهم حرّان، فأوقع بهم الأمير صواب مقدّم الملك الكامل بحرّان، فقصد طائفة منهم سنجار والموصل وغير ذلك. وتخطّفتهم الملوك والرّعيّة، وطمع فيهم كلّ أحدٍ حتّى الفلاّحون والأكراد، وانتقم الله منهم. ودخل التّتار ديار بكر في طلب جلال الدّين، لا يعلمون أين سلك؟ فسبحان من بدّل عزّهم ذلاًّ، وكثرتهم قلّة، وأخذت التّتار إسعرد بالأمان، ثمّ غدروا بهم، وبذلوا فيهم السّيف. ثمّ ساروا منها إلى مدينة طنزة، ففعلوا فيها كذلك. ثمّ ساروا في البلاد يخرّبونها إلى أن وصلوا ماردين، وإلى نصيبين، إلى أن قال: وخرجت هذه السّنة ولم يتحقّق لجلال الدّين خبر، ولا يعلم هل قتل؟ أو اختفى؟ والله أعلم.
قلت: وفي المحرّم وصل الملك مظفّر الدّين صاحب إربل إلى بغداد، واحتفل بقدومه، وجلس المستنصر بالله له، وحضر أرباب الدولة كلّهم، ورفع السّتر عن الشّبّاك، فإذا المستنصر جالس، فقبّل الجميع الأرض. ورقي نائب