كونك عندنا ذريعة إلى فتنة، فرد غازي متنكرا، وتسلق إلى دار أبيه، واختفى عند بعض السراري، وعلم به كثير من أهل الدار، فسترن عليه بغضا لأبيه، ثم إن سنجر شاه شرب بظاهر البلد وغنوا له، وعاد آخر النهار إلى البلد، وبات عند بعض حظاياه، فدخل الخلاء، فوثب عليه ابنه، فضربه بسكين أربع عشرة ضربة ثم ذبحه، فلو فتح الباب، وطلب الجند وحلفهم، لملك البلد، لكنه أمن واطمأن. وبلغ الخبر في السر أستاذ الدار، فطلب الكبار، واستحلفهم لمحمود بن سنجر شاه، وأحضره من قلعة فرح، ثم دخلوا الدار على غازي، فمانع عن نفسه فقتل، وألقي على باب الدار، فأكلت منه الكلاب. وتملك معز الدين محمود، وأخذ كثيرا من جواري أبيه، فغرقهن في دجلة.
ثم أخذ ابن الأثير يعدد مخازي سنجر شاه، وقلة دينه، ثم قتل ولده محمود أخاه مودودا.
٢٣٦ - عبد الله بن أبي الحسن بن أبي الفرج، الإمام أبو محمد الجبائي الطرابلسي الشامي.
من قرية الجبة من عمل طرابلس بجبل لبنان. قال: كنا نصارى، فمات أبي ونحن صغار، فقدر الله أن وقعت حروب، فخرجنا من القرية وكان فيها جماعة مسلمون يقرؤون القرآن، فأبكي إذا سمعتهم، قال: فأسلمت، وعمري إحدى عشرة سنة، ثم رحلت إلى بغداد في سنة أربعين.
قال ابن النجار: قدم بغداد وصحب الشيخ عبد القادر، وتفقه على مذهب أحمد، وسمع من أبي الفضل الأرموي، وأحمد ابن الطلاية، وابن ناصر، وجماعة، وكتب وحصل، ورحل إلى أصبهان، فسمع من مسعود الثقفي، والحسن بن العباس الرستمي، وأبي الخير الباغبان، وخلق كثير، وحصل الأصول، وعاد إلى بغداد، فحدث بها، ثم رد وسكن أصبهان، وكان صالحا عابدا، حصل له قبول بأصبهان، وأقام بخناقاه ابن أبي الهيجاء.