أراد أن يعرف قدر ذلك، فليطالع كتاب العلل للدارقطني، ليعرف كيف كان الحفاظ.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت الدارقطني يقول: ما في الدنيا شيء أبغض إلي من الكلام.
ونقل ابن طاهر المقدسي أنهم اختلفوا ببغداد فقال قوم: عثمان أفضل، وقال قوم: علي أفضل. قال الدارقطني: فتحاكموا إلي، فأمسكت، وقلت الإمساك خير، ثم لم أر لديني السكوت، فدعوت الذي جاءني مستفتياً، وقلت: قل لهم: عثمان أفضل باتفاق جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا قول أهل السنة، وأول عقد يحل من الرفض.
قال الخطيب: فسألت البرقاني: هل كان أبو الحسن يملي عليك العلل من حفظه؟ قال: نعم، وأنا الذي جمعتها، وقرأها الناس من نسختي. ثم قال الخطيب: وحدثني العتيقي، قال: حضرت الدارقطني، وجاءه أبو الحسين البيضاوي بغريب ليسمع منه، فامتنع واعتل ببعض العلل، فقال: هذا رجل غريب، وسأله أن يملي عليه أحاديث، فأملى عليه أبو الحسن من حفظه مجلساً تزيد أحاديثه على العشرين متون جميعها: نعم الشيء الهدية أمام الحاجة فانصرف الرجل، ثم جاءه بعد، وقد أهدى له شيئاً، فقربه وأملى عليه من حفظه سبعة عشر حديثاً متون جميعها إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.
وقال محمد بن طاهر المقدسي: كان للدارقطني مذهب في التدليس خفي، يقول فيما لم يسمعه من أبي القاسم البغوي: قرئ على أبي القاسم البغوي: حدثكم فلان.
قلت: وأخذ الدارقطني عن أبي بكر بن مجاهد سماعاً، وقرأ على أبي بكر النقاش، وعلي بن سعيد القزاز، وأحمد بن بويان، وأحمد بن محمد