للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شمس الدين محمد، والفخر ابن البخاري، والشمس محمد ابن الكَمال، والتاج عبد الوهّاب ابن زين الأُمناء، وآخرون.

قال الضياء: كان ليس بالآدم كثيراً، ولا بالطويل، ولا بالقصير، واسع الجَبهة، مفروق الحاجبين، أشْهل العينين، فيهما اتّساع، قائم الأنف، يجزّ شَعره من عند أذنيه، وكان في بصره ضَعف. سافر إلى بغداد مرّتين؛ الأولى في سنة سبعٍ وستين صُحبة الموفق، بعد أنْ حَفِظ القرآن، وغيره، وقيل: إنه حفظ الغريب للعُزيري، وحفظ الخِرقي، وألقى الدروس من تفسير القرآن، ومن الهداية. واشتغل بالخِلاف على ناصح الإسلام ابن المنّي، وقد شاهدتُهُ يُناظر غير مرّة. وسافر سنة إحدى وثمانين في صُحبة ابن أخيه العز ابن الحافظ.

وكان عالماً بالقراءات، والنحو، والفرائض. وقرأ القراءات على أبي الحسن علي بن عساكر البَطائحي، وأقرأ بها، وصنّف الفروق في المسائل الفقهية، وصنّف كتاباً في الأحكام لم يتمّه. وكان من كثرة اشتغاله وإشغاله لا يتفرّغ للتصنيف، وكان لا يكاد يفتر من الإشغال إما بإقراء القرآن، أو الأحاديث، أو بإقراء الفقه، والفرائض. وأقام بحرّان مدة، فانتفعوا به. وكان يشغل بالجبل إذا كان الإمام موفق الدين في المدينة، فإذا صعِد الموفق نزل هو، فأشغل في المدينة. وسمعت الموفق يقول: ما نقدر نعمل مثل العماد. كان يتألف الناس ويُقرّبهم، حتى أنه ربما كرّر على إنسان كلمات يسيرة من سَحَرٍ إلى الفجر.

قال الضياء: وكان يكون في جامع دمشق من الفجْر إلى العِشاء لا يخرج إلا لِما لا بُدّ له منه، يقرئ الناس القرآن، والعِلم، فإذا لم يتفق له من يشتغل عليه، اشتغل بالصلاة. فسألت موفق الدين عنه، فقال: كان من خيار أصحابنا، وأعظمهم نفعاً، وأشدّهم وَرَعاً، وأكثرهم صَبراً على تعليم القرآن، والفقه. وكان داعيةً إلى السنّة وتعلُّم العلم والدين. وأقام بدمشق مدة يعلّم

<<  <  ج: ص:  >  >>