ثم إن جماعة من الكوفيين تسوروا برجاً وافتتحوها عنوة فأباحها عبد الله ثلاث ساعات لا يرفع عنهم السيف، وقيل: إن الوليد بن معاوية قتله أصحابه لما اختلفوا عليه، ثم أمن عبد الله الناس كلهم وأمر بقلع حجارة السور، روي ذلك عن المدائني.
وقال محمد بن الفيض الغساني: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، قال: حدثني أبي عن جدي قال: لما نزل عبد الله بن علي وحصر دمشق استغاث الناس بيحيى بن يحيى الغساني، فسأله الوليد بن معاوية أن يخرج ويطلب الأمان، فخرج فأجيب فاضطرب بذلك الصوت حتى دخل البلد، وقال الناس: الأمان الأمان فخرج على ذلك من البلد خلق وأصعدوا إليهم المسودة، فقال يحيى بن يحيى لعبد الله بن علي: اكتب لنا بالأمان كتاباً، فدعا بدواة، ثم رفع رأسه فإذا السور قد ركبته المسودة، فقال: نح القرطاس، فقد دخلنا قسراً، فقال له يحيى: لا والله ولكن غدراً لأنك أمنتنا فإن كان كما تقول فاردد رجالك عنا وردنا إلى بلدنا، فقال: والله لولا ما أعرف من مودتك إيانا أهل البيت، وهدده، وقال: أتستقبلني بهذا؟! فقال: إن الله قد جعلك من أهل بيت الرحمة والحق، وأخذ يلاطفه، فقال: تنح عني، ثم ندم عبد الله بن علي وقال: يا غلام اذهب به إلى حجري تخوفاً عليه لمكان ثيابه البيض، وقد سود الناس كلهم، ثم حمى له داره فسلم فيها خلق، وقتل بالبلد خلق لكن غالبهم من جند الأمويين وأتباعهم.
ثم سار عبد الله بن علي إلى فلسطين، وجهز أخاه صالحاً ليفتتح مصر، وسير معه أبا عون الأزدي، وعامر بن إسماعيل الحارثي، وابن قنان، فساروا على الساحل، فافتتحوا الإقليم، وولي إمرة مصر أبو عون.
وأما عبد الله بن علي فإنه نزل على نهر أبي فطرس وقتل هناك من بني أمية خاصة اثنتين وسبعين نفساً صبراً، ولما رأى الناس جور المسودة وجبروتهم كرهوهم فثار الأمير أبو الورد مجزأة بن كوثر الكلابي أحد الأبطال بقنسرين وبيض، وبيض معه أهل قنسرين كلهم، واشتغل عنهم عبد الله بن علي بحرب حبيب بن مرة المري بالبلقاء والثنية وتم له معه