قال أبو الفرج بن الجوزي: ولما ولي الطائع ركب وعليه البردة، ومعه الجيش، وبين يديه سبكتكين، في تاسع عشر ذي القعدة، وخلع من الغد على سبكتكين خلع السلطنة، وعقد له اللواء، ولقبه نصر الدولة، وحضر عيد الأضحى، فركب الطائع إلى المصلى، وعليه قباء وعمامة، وخطب خطبة خفيفة، بعد أن صلى بالناس، ثم إن عز الدولة أدخل يده في إقطاع سبكتكين، فجمع سبكتكين الأتراك الذين ببغداد، ودعاهم إلى طاعته، فأجابوه، وراسل أبا إسحاق معز الدولة يعلمه بالحال ويطعمه أن يعقد له الأمر، فاستشار أمه، فمنعته، فصار إليها من بغداد جماعة، وصوبوا لها محاربة سبكتكين فحاربوه فقهرهم، واستولى على ما كان ببغداد لعز الدولة، وثارت العامة تنصر سبكتكين، فبعث إلى عز الدولة يقول: إن الأمر قد خرج عن يدك، فأفرج لي عن واسط وبغداد، ليكونا لي، ويكون لك الأهواز والبصرة، ودع الحرب. وكتب عز الدولة إلى عضد الدولة يستنجده، فتوانى، وصار الناس حزبين، وأهل التشيع ينادون بشعار عز الدولة، والسنة والديلم ينادون بشعار سبكتكين، واتصلت الحروب، وسفكت الدماء، وكبست الدور، وأحرق الكرخ حريقاً ثانياً.
وكان الطائع شديد الحيل، قوياً، في خلقه حدة. خلعه بهاء الدولة ابن عضد الدولة بإشارة الأمراء ومعونتهم. ثم كان في دار عند القادر بالله مكرماً محترماً، إلى أن مات ليلة عيد الفطر، وصلى عليه القادر بالله، وكبر عليه خمساً، وحمل إلى الرصافة، وشيعه الأكابر والخدم، ورثاه الشريف الرضي بقصيدة.
وقال أبو حفص بن شاهين: خلع المطيع لله نفسه غير مكره، فيما صح عندي، وولى ابنه الطائع، وسنه يوم ولي ثلاثة وأربعون سنة.
قلت: فيكون عمره ثلاثاً وسبعين سنة. وقد ذكرنا أنه ولي بعده لما خلعوه القادر بالله أحمد.