أبي عبد الله بزي التجار. فتوصلوا إلى طرابلس الغرب. فلما وصل المهدي إلى طرابلس الغرب قدم أبو العباس أخو الداعي إلى القيروان فوصلها، وقد جاءت المكاتبات من مصر بالإنذار بالمهدي وصفته والتوكيد في طلبه، فعني زيادة الله بطلبه، وتقصى أخباره، فوقع بأبي العباس، فقرره فلم يعترف، فحبسه برقادة. وكتب إلى طرابلس في طلب المهدي، وكان قد خرج منها قاصداً أبا عبد الله داعيته، وفات أمره. ثم علم في طريقه بحبس رفيقه، فعدل إلى سجلماسة، وأقام بها يتجر، فبلغ زيادة الله أنه بسجلماسة، فقبض متوليها على المهدي وابنه. ثم وقعت الحرب بين زيادة الله وبين أبي عبد الله الداعي، فهزمه أبو عبد الله مرات، وهرب من الجيش أبو العباس، ثم مسك. ثم سار زيادة الله منهزماً إلى مصر، ولحق أبو العباس بأخيه. ثم سارا في جيش كثيف وطلبا سجلماسة، فخرج اليسع متوليها للقتال، فهزمه أبو عبد الله سنة ست وتسعين، كما سيجيء.
وفيها صلى المكتفي بالناس يوم النحر بالمصلى.
وفيها قتل بدر المعتضدي. وكان المعتضد يحبه. وكان بدر جواداً كريماً شجاعاً، وكان يؤثر القاسم بن عبيد الله الوزير ويتعصب له، فقال المعتضد: والله لا قتله غيره. فكان كما قال. وذلك أن القاسم هم بنقل الخلافة عند موت المعتضد إلى غير ولده، وناظر بدراً في ذلك، فامتنع بدر، فلما رأى القاسم ذلك وعلم أن لا سبيل إلى مخالفة بدر، إذ كان المستولي على الأمور، اضطغنها على بدر. وحدث على المعتضد الموت، وبدر بفارس، فعمل القاسم على إهلاكه.
وكان بين بدر وبين المكتفي تباعد في أيام أبيه. فأشار القاسم على المكتفي أن يكتب إلى بدر بأن يقيم بفارس، ويبعث إليه بالمال، وأن يختار من الولايات ما شاء، ولا يقدم الحضرة. وخوف المكتفي منه. فكتب إليه مع يانس الموفقي بذلك، وبعث إليه بعشرة آلاف ألف درهم. فلما وصل إلى بدر فكر وخاف لبعده من مكر القاسم. فكتب إلى المكتفي يقول: لا بد من المصير إلى الحضرة، وأن أشاهد مولاي. فقال القاسم له: قد جاهرك بالعصيان، ولا آمنه عليك. وكاتب القاسم الأمراء الذين مع بدر بالمصير إلى باب الخليفة. فأوقفوا بدراً على الكتب وقالوا: قم معنا حتى نجمع بينك وبين الخليفةفقال: قد كتبت إليه، وأنا منتظر جوابه. ففارقوه ووصلوا إلى بغداد.
وجاء بدر فنزل واسطاً. فندب القاسم أبا حازم القاضي وقال: اذهب إلى بدر برسالة أمير المؤمنين بالأمان والعهود. فامتنع، وكان ورعاً، وقال: لِمَ